الدكتور أحمد راسم النفيس _ مصر

 

المولد والنشأة:

 

ولد عام 1372هـ في مدينة "المنصورة" بجمهورية مصر العربية، كان أبوه من رجال التعليم، وأما جده فكان عالماً من علماء الأزهر الشريف يقوم بالخطابة في مسجد القرية، وكان له "منتدى" يجتمع فيه المثقفون من أبناء هذه القرية، يتعلمون على يديه العلوم الدينية والفقهية والأدبية.

 

الأجواء التي نشأ فيها:

يقول الدكتور أحمد: تفتحت عيناي على أسماء الكتب والمؤلفات الحديثة...، وكم دارت مساجلات في بيتنا حول الشعر والأدب بين أبي (رحمة الله عليه) وبين اصدقائه من الشعراء والأدباء الذين حفلت بهم أنئذ مدينة المنصورة...، فتعلمت من أبي وجدي (رحمة الله عليهما) حبّ القراءة والاطلاع، وقرأت كل ما وقع تحت يدي من كتب اثناء طفولتي إلا كتاب واحد عجزت عن مواصلة القراءة فيه، ووهو "أبناء الرسول في كربلاء" للكاتب المصري خالد محمد خالد، حيث كنت أجهش بالبكاء في اللحظة التي أمسك فيها الكتاب وأعجز عن مواصلة قراءته....

 

الأجواء الجامعية التي عاشها:

توجّه الدكتور أحمد بعد ذلك إلى الدراسة الاكاديمية حتى حصل عام 1970هـ على الثانوية العامة بمجموع أهله للدخول في كلية الطب بمدينة المنصورة، وفي الكلية بادر الدكتور أحمد إلى الالتحاق باتحاد الطلبة، لأنّه وجده افضل مكان يتيح له العمل في المجال الثقافي، ومن هذا المنطلق تفتحت ذهنيته على الصراعات الفكرية والسياسية التي امتلأت بها الساحة المصرية في اوائل السبعينات.

فيصف الدكتور أحمد اوضاع تلك الحقبة الزمنية قائلا: كان التيار الشيوعي لا يزال نشطاً من خلال الموقع التى احتلها في الحقبة الناصرية. والواقع أن الحجم الإعلامي لهذا التيار تجاوز بكثير حجمه الحقيقي، وكان التيار الديني يتحرّك بصورة خجولة محاولا اكتساب بعض المواقع، وكان من الطبيعي أن يحدث الصدام بين التيارين المتناقضين، وخاصة أنّ التيار اليساري كان يتحرَّك بصورة مستفِزّة للجميع.

ويضيف الدكتور أحمد: في عام 1975م وبعد سلسلة من الاستفزازات اليسارية، خضنا الانتخابات الطلابية تحت راية التيّار الإسلامي في مواجهة التيار اليساري، وانتهت المعركة بهزيمة ساحقة لليسار وانتصار باهر للتيار الإسلامي، وتسلمت رئاسة الطلاب بكلية طب المنصورة لعامين متتالين.

 

أوّل التفاتته الجادّة للتشيع:

انتصرت الثورة الاسلامية في ايران 1979م، فكان لهذا الحدث اكبر تأثير في اعجاب الدكتور أحمد بهذا الشعب المسلم الذى تلقى الرصاص بصدره واستعذب الشهادة والتف حول قائدة بحماس حتى حقق لنفسه النجاح والانتصار.
يقول الدكتور أحمد: "ضايقني أن يكون ذلك الشعب "منحرف العقيدة" كما وصفه بعضهم من غير المنصفين،... وعندما حاولنا طباعة كتيّب لمناصرة الثورة الاسلامية في ايران، رفض ذلك بعض رفاقنا في العمل الثقافي، ولم يكن بوسعي يومها إلا السكوت، فليست هناك مصادر للمعرفة حول هذا الأمر".

 

التشنيع العام ضد التشيّع:

بقي الدكتور أحمد متأنياً في اتخاذه الموقف ازاء الثورة الاسلامية في ايران، وبقي على هذه الحالة حتى وقعت الحرب العراقية الايرانية.

فيقول الدكتور أحمد في هذا المجال: "في الآونة (1982 ـ 1985) كانت هذه الحرب على أشدها، وفجأة تحوّل جزء من النفط عن مساره المعهود في تمويل آلة الحرب العراقية،... وفي هذه الآونة أمطرت الساحة المصرية بوابل من الكتب الصفراء التي تتهجّم على المسلمين الشيعة، وانطلق التيار السلفي ليقوم بالدور المرسوم له في مهاجمة المسلمين الشيعة وبيان بطلان عقائدهم. ومن الواضح تماماً أنّ هؤلاء كانوا ينفذون خطاً مرسوماً ومدعوماً، بل ويحاولون الايحاء بأنّ وراء التشيع في الجمهورية الاسلامية خطاً عنصرياً فارسياً في مواجهة الاسلام العربي! وهذه مقولة تكشف بوضوح الرؤية البعثية العراقية التي امتطت ظهر السلفية".

 

دواعي اختياره لمذهب أهل البيت(عليهم السلام):

يقول الدكتور أحمد حول أسباب تركه لانتمائه السابق وتمسكه بمذهب التشيع: كنت في سفرة عائلية في أحد أيام صيف عام 1984 م، فعثرت في احدى المكتبات على كتاب عنوانه: "لماذا اخترت مذهب أهل البيت؟"، فاستأذنتُ في

أخذه، ولم يكن أحد يعبأ به أو يعرف محتواه فأخذت الكتاب، وقرأته، فتعجبت، ثم تعجبت كيف يمكن لعالم أزهري هو الشيخ محمد مرعي الأمين الأنطاكي مؤلف الكتاب أن يتحول إلى مذهب أهل البيت(عليهم السلام)، فأرقتني هذه الفكرة آونة، وقلت في نفسي: هذا الرجل له وجهة نظر ينبغي احترامها، فلم أقرر شيئاً أنئذ واحتفظت بالكتاب.
وبعد عام وفى التوقيت نفسه، وفي المكان نفسه، عثرت على الكتاب الثاني: "خلفاء الرسول الاثنا عشر" فقرأته وفهمته ولم أقرر شيئاً، ولكنني شعرت بأنني اقترب بصورة تدريجية إلى فكر أهل البيت(عليهم السلام).

ويضيف الدكتور أحمد: مضت أيام، وكان هناك معرض للكتاب في كلية الطب بالمنصورة، فمررت به فوجدت كتاباً بعنوان "الإمام جعفر الصادق" تأليف المستشار عبد الحليم الجندي، طبعة مجمع البحوث الاسلامية 1997م.

فقلت في نفسي: هذا كتاب عن الإمام جعفر الصادق من تأليف كاتب مصري سُنّي، وصادر من قبل مؤسسة رسمية قبل قيام الثورة الاسلامية في ايران، فأخذته وقرأته وتزلزل كياني لما فيه من معلومات عن أهل البيت(عليهم السلام) طمستها الأنظمة الجائرة وكتمها علماء السوء، فان القوم لا يطيقون أن يذكر آل محمد بخير.

فعدتُ إلى الكتابين السابقين، وأخرجت ما فيهما من المعلومات، ووجدتها جميعها من مصادر سُنية، فقلت في نفسي: لعلّ المسلمين الشيعة كذَّبوا فاوردوا على الناس ما لم يقولوه! فلنعد إلى هذه المصادر بنفسها، فقمتُ بعملية جرد دقيق لجميع هذه الكتب، سواء منها ما كان في مكتبتي الخاصة، أم كان كان في مكتبة جمعية الشبان المسلمين، وتحققت فعلاً من صحة هذه المعلومات.

 

مرحلة الانتماء إلى مذهب التشيع:

يقول الدكتور أحمد: لم تمض إلا أسابيع بعد البحث الجاد والمقارنة بين المذهب السني والمذهب الشيعي إلا وكانت المسألة محسوسة تماماً من الناحية العقائدية، ثم التقيت بواحد من الأصدقاء القدامى الذي وجدته على هذا الأمر، وبدأنا في دراسة بعض الاحكام الفقهية اللازمة لتصحيح العبادات.

وكنت مشغولاً في هذا الوقت في إنهاء رسالة الدكتوراه، حتى أنني اقفلت عيادتي للتفرغ للعمل بهذه الرسالة، وقبلت في نيسان عام 1986 وبدأت اتأهب لدخول امتحانات الدكتوراه في تخصص "الباطنية العامة". فاقبلت على القراءة العلمية وكانت راحتي ومتعتي الوحيدة إذا اصابني الملل من القراءة في الطب، هي اللجوء إلى كتب أهل البيت(عليهم السلام). 

 

ردود الفعل الاجتماعية:

لم تمض فترة قصيرة من شيوع خبر استبصار الدكتور أحمد إلاّ وبادر أصحاب العقليات المنغلقة بالصاق تهمة الانحراف الفكري والخلل والعقلي بشخصية الدكتور، ثم تصدى البعض لتسقيط شخصيته والاطاحة بسمعته، بحيث أدى هذا الأمر إلى مقاطعة من قبل جمع غفير من الناس.

فيقول الدكتور أحمد: كنت أتساءل بيني وبين نفسى عن سر هذا العداء والشراسة في مواجهة كل من ينتمى إلى خط آل بيت النبوة، وما هي الجريمة التي ارتكبها أولئك المنتمون؟

ويضيف أيضاً: ثم اخذ التآمر شكلاً آخر، وخطّط البعض لإخراجي من عملي بالجامعة، فبذلوا اقصى جهدهم لذلك وحاولوا استخدام كل ما لديهم من وسائل، ومن هنا تم تأخير حصولي على الدكتوراه من عام 1987م حتى 1992 م ست سنوات كاملة من الضغوط الوظيفية والمعاشية كي يجبروني على تغيير عقيدتي لكنهم لم يستطعيوا أن يزعزعوا أنملة من التزامي بمذهب أهل البيت(عليهم السلام).

 

مؤلفاته:

1- الطريق إلى مذهب أهل البيت(عليهم السلام).

2- على خطى الحسين.

3- المصريون والتشيع الممنوع.

4- بيت العنكبوت.

5- الجمل.

6- الحاكم بأمر الله.

7- عندما يحكم العبيد.

وله العديد من المقالات والدراسات المنشورة في مختلف المجلات والمواقع الألكترونية.