أبو أسامة المقدسي _ فلسطين

 

المولد والنشأة:

ولد في «فلسطين» في أُ سرة سُنّية المذهب ونشأ على هذا المعتقد تبعاً لأُسرته ، واصل «أبو أُسامة» دراسته الأكاديمية حتى نال شهادة الليسانس في الآداب .

على الصعيد العقائدي كان «أبو أُسامة» متأثّراً بالفكر الوهّابي ، إلاّ أنَّ عدم اقتناعه تماماً بالتوجّهات العقائدية السائدة آنذاك جعله دائم البحث والتحقيق في المجال العقائدي .

وممّا تأثّر به «أبو أُسامة» في تحقيقاته : موقع مركز الأبحاث العقائدية على الشبكة العنكبوتية ; حيث فيه العديد من الأسئلة والأجوبة العقائدية .

وممّا سلّط الضوء عليه في هذا الموقع : نقد نظرية عدالة الصحابة التي قامت عليها الفرق والمذاهب السُنّية ، ومن هذه الشخصيات التي كانت ولازالت مورد نقاش بين السُنّة والشيعة : شخصيّة خالد بن الوليد ، الذي قالوا فيه أنّه : سيف الله ، وحرّفوا حقائق التاريخ للتستّر على أفعاله . .

 

تحريفهم للتاريخ بشأن خالد بن الوليد :

قتل خالد بن الوليد مالك بن نويرة بتهمة الارتداد ، وزنا بامرأته ليلة قتله ، فترك أبو بكر الحدّ والقود عليه ! !

قال الجزري في (كامله) : لمّا قدم خالد البطاح بعث السرايا وأمرهم بداعية الإسلام ، وأن يأتوه بكلّ من لم يجب ، وإن امتنع أن يقتلوه . .

إلى أن قال بعد ذكر قتله مالكاً ووطئه امرأته ، وبلوغ خبره إلى المدينة . قال عمر لأبي بكر : إنّ سيف خالد فيه رهق . وأكثر عليه في ذلك ، فقال : يا عمر ! تأوّل خالد فأخطأ ، فارفع لسانك عنه ، فإنّي لا أشيم سيفاً سلّه الله على الكافرين . وودّى مالكاً ، وكتب إلى خالد أن يقدم عليه ، ففعل ودخل المسجد وعليه قباء ، وقد غرز في عمامته سهماً ، فقام إليه عمر ، فنزعها وحطّمها ، وقال له : قتلت امرءاً مسلماً ثمّ نزوت على امرأته ، والله لأرجمنّك بأحجارك . وخالد لا يكلّمه يظّن أنّ رأي أبي بكر مثله ، ودخل على أبي بكر . فأخبره الخبر ، واعتذر إليه ، فعذره وتجاوز عنه ، وعنّفه في التزويج الذي كانت عليه العرب من كراهته أيام الحرب .

فخرج خالد وعمر جالس ، فقال له خالد : هلّم إليّ يا ابن أمّ شملة . فعرف عمر أنّ أبا بكر رضي عنه ، فلم يكلّمه .

وقيل : إنّ المسلمين لمّا غشوا مالكاً وأصحابه ليلاً أخذوا السلاح ، فقالوا : نحن المسلمون ، فقال أصحاب مالك : ونحن المسلمون ، قالوا لهم : ضعوا السلاح ، فوضعوه ثمّ صلّوا ، وكان خالد يعتذر في قتله لمالك أنّه قال : ما أخال صاحبكم إلاّ قال كذا وكذا ، فقال له : أوما تعدّه لك صاحباً ، ثمّ ضرب عنقه .

وقدم أخوه متمّم بن نويرة على أبي بكر يطلب بدم أخيه ، ويسأله أن يردّ عليه سبيهم ، فأمر أبو بكر بردّ السبي ، وودّى مالكاً من بيت المال(1) .

ولما ولي عمر كان أوّل كتاب كتبه بتولية أبي عبيدة جند خالد ، وبعزل خالد ; لأنّه كان ساخطاً عليه في خلافة أبي بكر كلّها لوقعته بمالك بن نويرة ، وما كان يعمل في حربه ، وأوّل ما تكلّم به عزل خالد ، وقال : لا يلي لي عملاً أبداً . وكتب إلى أبي عبيدة إنْ أكذَبَ خالد نفسه فهو الأمير على ما كان عليه ، وإن لم يكذّب نفسه ، فأنت الأمير على ما هو عليه ، انزع عمامته عن رأسه ، وقاسمه ماله .

فذكر أبو عبيدة ذلك لخالد ، فاستشار خالد أُخته ، وكانت عند الحرث بن هشام ، فقالت : والله لا يحبّك عمر أبداً ، وما يريد إلاّ أن تكذّب نفسك ثمّ ينزعك . فقبّل رأسها ، وقال : صدقت . فأبى أن يكذّب نفسه ، فأمر أبو عبيدة بنزع عمامة خالد(2) .

ومن الغريب أنّ من مسلّمات بعض الناس كون خالد سيف الله ، فلم يكن ـ في الحقيقة ـ سوى سيفاً لأبي بكر ، ذلك أنّ سيف الله ورسوله لا يزني ، ولا يقتل بغير حقّ ، ولا يمثّل بالمسلمين ، فإنّ المُثلة حرام ولو بالكلب العقور .

ومن المضحك أنّهم وضعوا له أنّ النبيّ (صلى الله عليه وآله) وصفه بذلك ، إلاّ أنّ الله تعالى ـ الذي يخزي الكاذب ـ فضحهم بأن قالوا : لقّبه النبيّ بذلك لمّا كان بمؤتة ، وجعلوا الراوي لذلك : أبا قتادة ، فقال الطبري : قال أبو قتادة : بعث النبيّ (صلى الله عليه وآله) جيش الأُمراء . فقال : عليكم زيد بن حارثة ، فإن أُصيب فجعفر ، فإن أُصيب جعفر فعبد الله بن رواحة . فوثب جعفر فقال : يا رسول الله ! ما كنت أذهب أن تستعمل زيداً علَيّ . قال : امض فإنّك لا تدري أيّ ذلك خير . فانطلقوا . . .

إلى أن قال : فقال النبيّ (صلى الله عليه وآله) : أُخبركم عن جيشكم . .

إلى أن قال بعد ذكر الأخبار عن شهادة عبد الله بن رواحة : قال النبيّ (صلى الله عليه وآله) : ثمّ أخذ اللواء خالد بن الوليد ، ولم يكن من الأمراء ، هو أمّر نفسه . ثمّ قال النبيّ (صلى الله عليه وآله) : «اللهمّ إنّه سيف من سيوفك ، فأنت تنصره . فمنذ يومئذ سمّي خالد سيف الله»(4) .

مع أنّ خالداً لمّا رجع من مؤتة مع الجيش جعل الناس يحثّون التراب على خالد وجيشه ، ويقولون : «يا فرّار في سبيل الله»(5) ، فهل يقولون لسيف الله : فرّار في سبيل الله ؟ !

وأبو قتادة كان من منكري خالد ، وعاهد الله تعالى أن لا يشهد معه حرباً(2) ، فكيف يمكن أن يكون سمع النبيّ (صلى الله عليه وآله) سمّاه سيف الله ـ كما وضعوا على لسانه ـ ويعاهد الله تعالى ألا يشهد مع خالد حرباً ؟ !

 

الاقتناع بالرؤية الشيعية :

بعد الاطّلاع على كثير من مجريات التاريخ التي تثبت صحّة الرؤية الشيعية ، وبعد أنْ تبلورت قناعته الكاملة بأحقّية المذهب الشيعي توجّه «أبو أُسامة» إلى تغيير انتمائه المذهبي ، وأعلن عن استبصاره عام ١٤٢٣ هـ (٢٠٠٣م)

 

_______________________________________________________________________

 

الهوامش:

1- تاريخ الطبري : ٢ : ٥٠٤ .

2- تاريخ الطبري ٢ : ٦٢٤ .

3- تاريخ الطبري ٢ : ٣٢٢ .