رواية الراهب بحيرى والرد عليها

 

بقلم: إبراهيم الجزائري 

 

بسم الله الرحمن الرحيم 


اللهم صل على محمد وآله

 

 

 


قرأت كتاب عن عقائد الشيعة تأليف عبد الله بن محمد السلفي يقدح في الشيعة ويبني التشيع من تصميم وإخراج ابن سبأ فوجدت فيه مغاليط ومكاذيب عن أتباع الأئمة المعصومين، حتى حاولت أن أرد عن هذا الكذاب المفتري مستشهدا برواياتهم، حيث وجدت نفسي أسبح في بحر من الروايات المكذوبة والمغلوطة ظاهرها يمدح الرسول (ص) وباطنها يضرب صميم النبي محمد (ص) والدين الاِسلامي، فبينما أتابع بعض الروايات اِذ اصطدمت برواية الراهب بحيرى فرديت على هذه الرواية فكريا.


فكان :

اِستدمار واختراق العقل المسلم بالخرافات والتشويش عليه:
رقم الحديث: 392 من كتاب تاريخ الطبري
(( (حديث مرفوع) حَدَّثَنِي العَبَّاسُ بنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو نُوحٍ، قَالَ : حَدَّثَنَا يُونُسُ بنُ أَبِي إِسحَاقَ، عَن أَبِي بَكرِ بنِ أَبِي مُوسَى عَن أَبِي مُوسَى، قَالَ : " خَرَجَ أَبُو طَالِبٍ إِلَى الشَّامِ، وَخَرَجَ مَعَهُ رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ، فِي أَشيَاخٍ مِن قُرَيشٍ، فَلَمَّا أَشرَفُوا عَلَى الرَّاهِبِ هَبَطُوا، فَحَلُّوا رِحَالَهُم، فَخَرَجَ إِلَيهِمُ الرَّاهِبُ، وَكَانُوا قَبلَ ذَلِكَ يَمُرُّونَ بِهِ فَلا يَخرُجُ إِلَيهِم، وَلا يَلتَفِتُ، قَالَ : فَهُم يَحُلُّونَ رِحَالَهُم، فَجَعَلَ يَتَخَلَّلُهُم حَتَّى جَاءَ فَأَخَذَ بِيَدِ رَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ : هَذَا سَيِّدُ العَالَمِينَ، هَذَا رَسُولُ رَبِّ العَالَمِينَ، هَذَا يَبعَثُهُ اللَّهُ رَحمَةً لِلعَالَمِينَ .
فَقَالَ لَهُ أَشيَاخُ قُرَيشٍ : مَا عِلمُكَ ؟
قَالَ : إِنَّكُم حِينَ أَشرَفتُم مِنَ العَقَبَةِ، لَم تَبقَ شَجَرَةٌ وَلا حَجَرٌ إِلَّا خَرَّ سَاجِدًا، وَلا يَسجُدُونَ إِلَّا لِنَبِيٍّ، وَإِنِّي أَعرِفُهُ بِخَاتَمِ النُّبُوَّةِ أَسفَلَ مِن غُضرُوفِ كَتِفِهِ مِثلَ التُّفَّاحَةِ .
ثُمَّ رَجَعَ فَصَنَعَ لَهُم طَعَامًا، فَلَمَّا أَتَاهُم بِهِ كَانَ هُوَ فِي رِعيَةِ الإِبِلِ.
قَالَ : أَرسِلُوا إِلَيهِ، فَأَقبَلَ وَعَلَيهِ غَمَامَةٌ، فَقَالَ : انظُرُوا إِلَيهِ عَلَيهِ غَمَامَةٌ تُظِلُّهُ .
فَلَمَّا دَنَا مِنَ القَومِ وَجَدَهُم قَد سَبَقُوهُ إِلَى فَيءِ الشَّجَرَةِ، فَلَمَّا جَلَسَ مَالَ فَيءُ الشَّجَرَةِ عَلَيهِ .
فَقَالَ : انظُرُوا إِلَى فَيءِ الشَّجَرَةِ مَالَ عَلَيهِ .
قَالَ : فَبَينَمَا هُوَ قَائِمٌ عَلَيهِم، وَهُوَ يُنَاشِدُهُم أَلَّا يَذهَبُوا بِهِ إِلَى الرُّومِ، فَإِنَّ الرُّومَ إِن رَأَوهُ عَرَفُوهُ بِالصِّفَةِ فَقَتَلُوهُ، فَالتَفَتَ، فَإِذَا هُوَ بِسَبعَةِ نَفَرٍ قَد أَقبَلُوا مِنَ الرُّومِ، فَاستَقبَلَهُم، فَقَالَ : مَا جَاءَ بِكُم ؟
قَالُوا : جِئنَا أَنَّ هَذَا النَّبِيَّ خَارِجٌ فِي هَذَا الشَّهرِ، فَلَم يَبقَ طَرِيقٌ إِلَّا بُعِثَ إِلَيهَا نَاسٌ، وَإِنَّا اختِرنَا خِيرَةَ بَعثِنَا إِلَى طَرِيقِكَ هَذَا
قَالَ لَهُم : هَل خَلَّفتُم خَلفَكُم أَحَدًا هُوَ خَيرٌ مِنكُم ؟
قَالُوا : لا إِنَّمَا اختِرنَا خِيرَةً لِطَرِيقِكَ هَذَا
قَالَ: أَفَرَأَيتُم أَمرًا أَرَادَ اللَّهُ أَن يَقضِيَهُ، هَل يَستَطِيعُ أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ رَدَّهُ ؟
قَالُوا : لا، فَتَابَعُوهُ وَأَقَامُوا مَعَهُ
قَالَ : فَأَتَاهُم، فَقَالَ : أَنشُدُكُمُ اللَّهَ أَيُّكُم وَلِيُّهُ ؟
قَالُوا : أَبُو طَالِبٍ، فَلَم يَزَل يُنَاشِدُهُ حَتَّى رَدَّهُ، وَبَعَثَ مَعَهُ أَبُو بَكرٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنهُ بِلالًا، وَزَوَّدَهُ الرَّاهِبُ مِنَ الكَعكِ وَالزَّيتِ )).
فالرواية لها ثلاثة محطات رئيسية، أو مقدمة وموضوع وخاتمة أو نتيجة

 

المقدمة:


(( قَالَ : " خَرَجَ أَبُو طَالِبٍ إِلَى الشَّامِ، وَخَرَجَ مَعَهُ رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ، فِي أَشيَاخٍ مِن قُرَيشٍ، فَلَمَّا أَشرَفُوا عَلَى الرَّاهِبِ هَبَطُوا، فَحَلُّوا رِحَالَهُم، فَخَرَجَ إِلَيهِمُ الرَّاهِبُ، وَكَانُوا قَبلَ ذَلِكَ يَمُرُّونَ بِهِ فَلا يَخرُجُ إِلَيهِم، وَلا يَلتَفِتُ )).
معناه أن الراهب لم يهتم بقريش حينا من الدهر قريبا كان أم بعيدا، فهم عنده رعاع يعبدون الأصنام ينكحون المحارم، فعملاء الرومان، إذن هم لا حدث عنده." وَكَانُوا قَبلَ ذَلِكَ يَمُرُّونَ بِهِ فَلا يَخرُجُ إِلَيهِم، وَلا يَلتَفِتُ" هذا الراهب اِذا كان لا يخرج لهم ولا يلتف اليهم، معناه رهبا لا يدعوا الى النصرانية ما ذا يفعل في هذا الدير؟ هل هو عميل الرومان؟

 

الموضوع:


ينقسم الى عدة محطات تدبرية


(( قَالَ : فَهُم يَحُلُّونَ رِحَالَهُم، فَجَعَلَ يَتَخَلَّلُهُم حَتَّى جَاءَ فَأَخَذَ بِيَدِ رَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : هَذَا سَيِّدُ العَالَمِينَ، هَذَا رَسُولُ رَبِّ العَالَمِينَ، هَذَا يَبعَثُهُ اللَّهُ رَحمَةً لِلعَالَمِينَ . فَقَالَ لَهُ أَشيَاخُ قُرَيشٍ : مَا عِلمُكَ ؟ قَالَ : إِنَّكُم حِينَ أَشرَفتُم مِنَ العَقَبَةِ، لَم تَبقَ شَجَرَةٌ وَلا حَجَرٌ إِلَّا خَرَّ سَاجِدًا، وَلا يَسجُدُونَ إِلَّا لِنَبِيٍّ، وَإِنِّي أَعرِفُهُ بِخَاتَمِ النُّبُوَّةِ أَسفَلَ مِن غُضرُوفِ كَتِفِهِ مِثلَ التُّفَّاحَةِ . ثُمَّ رَجَعَ فَصَنَعَ لَهُم طَعَامًا، فَلَمَّا أَتَاهُم بِهِ كَانَ هُوَ فِي رِعيَةِ الإِبِلِ، قَالَ : أَرسِلُوا إِلَيهِ، فَأَقبَلَ وَعَلَيهِ غَمَامَةٌ، فَقَالَ : انظُرُوا إِلَيهِ عَلَيهِ غَمَامَةٌ تُظِلُّهُ . فَلَمَّا دَنَا مِنَ القَومِ وَجَدَهُم قَد سَبَقُوهُ إِلَى فَيءِ الشَّجَرَةِ، فَلَمَّا جَلَسَ مَالَ فَيءُ الشَّجَرَةِ عَلَيهِ . فَقَالَ : انظُرُوا إِلَى فَيءِ الشَّجَرَةِ مَالَ عَلَيهِ . قَالَ : فَبَينَمَا هُوَ قَائِمٌ عَلَيهِم، وَهُوَ يُنَاشِدُهُم أَلَّا يَذهَبُوا بِهِ إِلَى الرُّومِ، فَإِنَّ الرُّومَ إِن رَأَوهُ عَرَفُوهُ بِالصِّفَةِ فَقَتَلُوهُ، فَالتَفَتَ، فَإِذَا هُوَ بِسَبعَةِ نَفَرٍ قَد أَقبَلُوا مِنَ الرُّومِ، فَاستَقبَلَهُم، فَقَالَ : مَا جَاءَ بِكُم ؟ قَالُوا : جِئنَا أَنَّ هَذَا النَّبِيَّ خَارِجٌ فِي هَذَا الشَّهرِ، فَلَم يَبقَ طَرِيقٌ إِلَّا بُعِثَ إِلَيهَا نَاسٌ، وَإِنَّا اختِرنَا خِيرَةَ بَعثِنَا إِلَى طَرِيقِكَ هَذَا، قَالَ لَهُم : هَل خَلَّفتُم خَلفَكُم أَحَدًا هُوَ خَيرٌ مِنكُم ؟ قَالُوا : لا إِنَّمَا اختِرنَا خِيرَةً لِطَرِيقِكَ هَذَا، قَالَ أَفَرَأَيتُم أَمرًا أَرَادَ اللَّهُ أَن يَقضِيَهُ، هَل يَستَطِيعُ أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ رَدَّهُ ؟ قَالُوا : لا، فَتَابَعُوهُ وَأَقَامُوا مَعَهُ، قَالَ : فَأَتَاهُم،

فجأة تغير الحال من لا حدث، فنزل من صومعته مهرولا يفتش عن شيء اِكتشفه فاخذ بيد محمد (ص) الى الأعلى ... فسـُئل الراهب: كيف عرفت انه النبي المنتظر؟ فكانت إجابته: أنه رأى الشجر والحجر خرا ساجدين لمحمد (ص).
كيف تسجد الشجر، ولمن؟ قال تعالى:  (( تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَوَاتُ السَّبعُ وَالأَرضُ وَمَن فِيهِنَّ وَإِن مِن شَيءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمدِهِ وَلَكِن لَا تَفقَهُونَ تَسبِيحَهُم إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا )) (الإسراء:44).
لا تفقهون: في الآية لا تعلمون:


علم الراهب بالنبي: اي عرف الراهب بحقيقة نبوة محمد(ص) وهو صبي من خلال سجود النبات والحجر.
كيف تكون المعرفة؟. فالمعرفة تكون عقلية أو تجريبية.


فالراهب عرف حقيقة نبوة محمد وهو صبي عن طريق المعرفة البصرية أي "المشاهدة" فرأى الأشياء تسجد له.
فيخر الشجر ساجدا لمحمد: فالرواية لم تبين كيف اِنكب الشجر على الأرض ساجدا لمحمد(ص)، ممكن نقبل أن الشجر اِنحنى بأغصانه الى الأرض كعلامة سجود، ولكن كيف الحجر يسجد، أي كيف الحجر ينكب على الأرض ساجدا؟
والذين اعتمدوا أن الرواية متواترة فليجيبوا العقول المتسائلة بالجواب الشافي الكافي عن السؤال؟.
فالمعروف عن الأنبياء أن الجماد والحيوان يسبحن لله معهم ويسلمن عليهم باِذن الله، قال تعالى : (( وَسَخَّرنَا مَعَ دَاوُودَ الجِبَالَ يُسَبِّحنَ وَالطَّيرَ وَكُنَّا فَاعِلِينَ  )) (الأنبياء:79)، (( وَاذكُر عَبدَنَا دَاوُودَ ذَا الأَيدِ إِنَّهُ أَوَّابٌ * إِنَّا سَخَّرنَا الجِبَالَ مَعَهُ يُسَبِّحنَ بِالعَشِيِّ وَالإِشرَاقِ )) (ص:17-18)
قال الشوكاني : (( وفي هذا بيان ما أعطاه الله من البرهان والمعجزة وهو تسبيح الجبال معه قال مقاتل : كان داود إذا ذكر الله ذكرت الجبال معه وكان يفقه تسبيح الجبال )).

اِذن الحجر والشجر يعبدان الله مع داود فلا يعبدان النبي داود. اِذا أخذنا في هذه الرواية أن المقصود بالسجود هو التحية . هل عندما تسلم المخلوقات على بعضها تنكب على الأرض ساجدة ؟
يعلّمنا الله في الصلاة كيفية التذلل له: وهما: إذلال في الركوع بتخفيض الرأس مع الظهر باِتجاه الأرض حيث تكون ناصية الإنسان بنصفه العلوي موازيا للأرض، وإذلال في السجود حين ينكب الإنسان على الأرض فتكون ناصيته تمس الأرض بنصفه التحتي، فيسجد العاقل الذي ناصيته تكذب وتخطأ بهذه الطريقة. فجميع الحيوانات ناصيتها موازية للأرض فهي تسبح لا تتوقف، فعندما تنقطع عن التسبيح ترفع رأسها فتتقاتل بالناصية،و كل مخلوق يخفض رأسه موازيا الأرض لمخلوق آخر فهي علامة التذلل.

بينما يقبلون علماء السنة سجود الحجر والشجر لمحمد (ص) وهو صبي باِعتمادهم هذه الرواية ومنهم الألباني مصححا لها إذ يحرمون على شيعة آل بيت محمد حين زيارة محمد(ص) التضرع عنده راجين شفاعته، حتى هدّموا آثار محمد وأله، ومنها بيت فاطمة الزهراء (ع) الذي بابه لم يسد حيث رسول الله (ص) قائما، ثم يحرق حين دفنه.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من أتاني زائرا كنت شفيعه يوم القيامة))

(( اللهم إنك قلت لنبيك محمد صلواتك عليه وآله ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاؤك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله توابا رحيما ولم أحضر زمان رسولك عليه وآله السلام اللهم وقد زرته راغبا تائبا من سيئ عملي ومستغفرا لك من ذنوبي ومقرا لك بها وأنت أعلم بها مني ومتوجها إليك بنبيك نبي الرحمة صلواتك عليه وآله فاجعلني اللهم بمحمد وأهل بيته عندك وجيها في الدنيا والآخرة ومن المقربين، يا محمد يا رسول الله بأبي أنت وأمي يا نبي الله يا سيد خلق الله إني أتوجه بك إلى الله ربك وربي ليغفر لي ذنوبي ويتقبل مني عملى ويقضي لي حوائجي، فكن لي شفيعا عند ربك وربي فنعم المسؤل ربي ونعم الشفيع أنت، يا محمد عليك وعلى أهل بيتك السلام اللهم أوجب لي منك المغفرة والرحمة والرزق الواسع الطيب النافع كما أوجبت لمن أتى نبيك محمدا عليه وآله السلام وهو حي فاقر له بذنوبه واستغفر له رسولك عليه السلام فغفرت له برحمتك يا أرحم الراحمين، اللهم وقد أملتك ورجوتك وقمت بين يديك ورغبت إليك عمن سواك وقد أملت جزيل ثوابك وإني لمقر غير منكر وتائب مما اقترفت وعائذ بك في هذا المقام مما قدمت من الاعمال التي تقدمت إلي فيها ونهيتني عنها وأوعدت عليها العقاب وأعوذ بكرم وجهك أن تقيمني مقام الخزي والذل يوم تهتك فيه الاستار والفضايح الكبار وترعد فيه الفرائض يوم الحسرة والندامة، يوم الافكة، يوم الازفة، يوم التغابن، يوم الفصل، يوم الجزاء يوما كان مقداره خمسين الف سنة، يوم النفخة، يوم ترجف الراجفة تتبعها الرادفة يوم النشر، يوم العرض، يوم يقوم الناس لرب العالمين، يوم يفر المرء من أخيه وأمه وأبيه وصاحبته وبنيه، يوم تشقق الارض عنهم واكناف السماء، يوم تأتي كل نفس تجادل عن نفسها، يوم يردون إلى الله فينبئهم بما عملوا، يوم لا يغني مولى عن مولى شيئا ولاهم ينصرون إلا من رحم الله إنه هو العزيز الرحيم، [...] )).

ولكن، كيف رأى الراهب سجود الحجر والشجر من العقبة بالعين المجردة قال الله تعالى: (( وأنهم ظنوا كما ظننتم أن لن يبعث الله أحدا * وأنا لمسنا السماء فوجدناها ملئت حرسا شديدا وشهبا )).
حدثنا ابن حميد، قال : ثنا جرير، عن مغيرة، عن زياد، عن سعيد بن جبير، قال : كانت الجن تستمع، فلما رجموا قالوا : إن هذا الذي حدث في السماء لشيء حدث في الأرض; قال : فذهبوا يطلبون حتى رأوا النبي صلى الله عليه وسلم خارجا من سوق عكاظ يصلي بأصحابه الفجر، فذهبوا إلى قومهم منذرين.

 

إذن الجن لم تعرف أن نبيا بـُـعث الى الأرض الا بعد أن شـُوهد يصلي بأصحابه الفجر. فلم تتنبأ الجن بخروج النبي اِلا بعد أن تجاوز أربعين سنة، بينما هي تصعد الى السماء وتنزل الى الأرض فتحوم الفضاء في رمشت عين، وتخالط الناس في نسائهم وفي تجارتهم وتجري بالسوسة مجرى الدم في الإنسان فتنقل الأخبار من الى لتحدث الفتن فلم تشاهد الشجر ولا الحجر تسجد للنبي وهو صبي اِذ براهب متهم بالزندقة واللواط والخبث والهرطقة ومطرودا انكشفت له الحجب قبل أربعين سنة فشاهد ما لم تراه قريش ولا الجن من سجود الحجر والشجر للنبي وهو صبي.
عجبا كيف للألبابي مصحح الأحاديث يقبل هذه الرواية، فأتباعه كذلك؟.

 

((وأني أعرِفُهُ بِخَاتَمِ النُّبُوَّةِ أَسفَلَ مِن غُضرُوفِ كَتِفِهِ مِثلَ التُّفَّاحَةِ))، الراهب لم يخبرنا أنه راى الخاتم، ولكنه ذكر الخاتم فقط، ((وقال بعض العلماء: والصحيح أن الرجم كان موجودا قبل المبعث. فلما بعث صلى الله عليه وسلم كثر وازداد، كما ملئت السماء بالحرس والشهب )). اذا لم تستطيع الجن أن ترى الخاتم، ولم تستطيع أن تسرق السمع من جده عبد المطلب فهو يبشر الناس حين مولده (ص)، ولم تستطيع ان تسمع فرحة الملائكة بمولده، ولم تستطيع أن ترى كيف نزل على الأرض مباشرة عند ولادته، اِذن كيف لزنديق منبوذ من النصرانية أن يرى ما تحت لباس الصبي محمد (ص)؟ أم نزع الراهب ثوب الصبي محمد ليرى الخاتم؟

 

أقول جازما أن النبي محمد هو صبي (ص) معصوم أن يكتشفه الناس ويعرفون حقيقته، فلا يتركه الله لنجاسة تكشف جسده وأن تمس جسمه الطاهر، وما قيل انه رفع يده كلام مردود عن صاحب الرواية، فالراوي يبث مغاليط تمس الدين الاِسلامي في الصميم لم يتفطن لها الذين اِعتمدوا هذه الرواية، أما الزنديق وعدم صلاحه وفساد عبادته أصبح يرى بنور الله عند ناقلي الرواية من المسلمين! فاِكتشف النبي. بينما المؤرخون المسيحيون يحكون عكس ما يتداول عن الراهب من ورع وتدين اِذ ناقلي الرواية يقرونها فاعتمدها الألباني مصححا لها.

 

(( ثُمَّ رَجَعَ فَصَنَعَ لَهُم طَعَامًا فَلَمَّا أَتَاهُم بِهِ كَانَ هُوَ فِي رِعيَةِ الإِبِلِ، قَالَ : أَرسِلُوا إِلَيهِ، فَأَقبَلَ وَعَلَيهِ غَمَامَةٌ، فَقَالَ : انظُرُوا إِلَيهِ عَلَيهِ غَمَامَةٌ تُظِلُّهُ . فَلَمَّا دَنَا مِنَ القَومِ وَجَدَهُم قَد سَبَقُوهُ إِلَى فَيءِ الشَّجَرَةِ، فَلَمَّا جَلَسَ مَالَ فَيءُ الشَّجَرَةِ عَلَيهِ . فَقَالَ : انظُرُوا إِلَى فَيءِ الشَّجَرَةِ مَالَ عَلَيهِ )).
هل هذه الغمامة تتبع رسول الله منذ ولادته الى يوم البعث، أم كانت خاصة بيوم تنقله بعمه في تجارة الى الشام؟، وهل كانت تظل الرسول وحده، أم والقافلة؟.
اِذا كانت منذ اِنطلاقه من مكة الى دير الراهب والغمامة تتبعه، كيف لم تتفطن القافلة إلى هذا الأمر؟، حتى ينبههم الراهب لها. هل عميت إبصارهم مثلما عميت عقول ناقلة هذه الرواية.
لماذا مال فيء الشجرة؟ هل ليسجد لمحمد (ص) كما سجد الشجر والحجر في العقبة؟! أم ليكوّن ظلا يظل محمد(ص) فيحجب أشعة الشمس عنه، وإذا كان الراهب يقصد بالظل! فهو الأرجح، فهذا يدل على أن أشعة الشمس سطعت رأس محمد (ص)، فأين هي الغمامة؟. فالإجابة تكون عند معتمدي هذه الرواية.
فأذا كانت الغمامة تظل رأس محمد (ص) والشجرة، اِذن فظل الغمامة يـُظل الشجرة كذلك، كيف يتكون ظل الشجرة ليظل محمد(ص) وهو أصلا اِنعدم بظل الغمامة؟ فالجواب يكون عند معتمدي هذه الرواية؟

(( قَالَ : فَبَينَمَا هُوَ قَائِمٌ عَلَيهِم، وَهُوَ يُنَاشِدُهُم أَلَّا يَذهَبُوا بِهِ إِلَى الرُّومِ، فَإِنَّ الرُّومَ إِن رَأَوهُ عَرَفُوهُ بِالصِّفَةِ فَقَتَلُوهُ، فَالتَفَتَ، فَإِذَا هُوَ بِسَبعَةِ نَفَرٍ قَد أَقبَلُوا مِنَ الرُّومِ، فَاستَقبَلَهُم، فَقَالَ : مَا جَاءَ بِكُم ؟ قَالُوا : جِئنَا أَنَّ هَذَا النَّبِيَّ خَارِجٌ فِي هَذَا الشَّهرِ، فَلَم يَبقَ طَرِيقٌ إِلَّا بُعِثَ إِلَيهَا نَاسٌ، وَإِنَّا اختِرنَا خِيرَةَ بَعثِنَا إِلَى طَرِيقِكَ هَذَا، قَالَ لَهُم : هَل خَلَّفتُم خَلفَكُم أَحَدًا هُوَ خَيرٌ مِنكُم ؟ قَالُوا : لا إِنَّمَا اختِرنَا خِيرَةً لِطَرِيقِكَ هَذَا، قَالَ أَفَرَأَيتُم أَمرًا أَرَادَ اللَّهُ أَن يَقضِيَهُ، هَل يَستَطِيعُ أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ رَدَّهُ ؟ قَالُوا : لا، فَتَابَعُوهُ وَأَقَامُوا مَعَهُ ))

الراوي يتخيل أن الراهب وهو يتكلم مع الراحلة، اِذ بسبعة نفر وصلوا الى الدير فعرفهم أنهم من الروم فقال لهم (( مَا جَاءَ بِكُم ؟ )) فقالوا (( جِئنَا أَنَّ هَذَا النَّبِيَّ خَارِجٌ فِي هَذَا الشَّهرِ )) فهذه الجملة تشير الى النبي محمد (ص)، من قال لهم أن النبي خارج هذا الشهر؟ هل تشير كتبهم بالتدقيق أن النبي المنتظر يخرج وهو طفل الى الشام في تجارة مع قريش في الشهر واليوم والساعة؟، وكيف عرفوا الصبي أنه النبي المنتظر؟! أم قريش دلتهم وهي عين الرومان أنه خارج الى الشام في الشهر واليوم والساعة، وهي تعرف أنه النبي المنتظر؟!، بينما اِتفقت قريش بعد نزاع لوضع الحجر الأسود اِذ يدخل عليهم محمد ذو خمسة وثلاثون سنة فقالوا هذا محمد هذا الصادق، الأمين فهم مستبشرون، هذا الحدث كان بعد ستة وعشرون سنة من حادثة الراهب بحيرة، لمذا لم يقولوا ما قاله الراهب: هذا النبي المنتظر هَذَا سَيِّدُ العَالَمِينَ، هَذَا رَسُولُ رَبِّ العَالَمِينَ، هَذَا يَبعَثُهُ اللَّهُ رَحمَةً لِلعَالَمِينَ، معتمدي هذه الرواية يجيبوا على السؤال.

 

الخاتمة والكذبة الكبرى:


(( قَالَ : فَأَتَاهُم، فَقَالَ : أَنشُدُكُمُ اللَّهَ أَيُّكُم وَلِيُّهُ ؟ قَالُوا : أَبُو طَالِبٍ، فَلَم يَزَل يُنَاشِدُهُ حَتَّى رَدَّهُ، وَبَعَثَ مَعَهُ أَبُو بَكرٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنهُ بِلالًا، وَزَوَّدَهُ الرَّاهِبُ مِنَ الكَعكِ وَالزَّيتِ ))
سؤال أطرحه على معتمدي هذه الرواية: بربكم كم كان سن النبي محمد(ص) عندما أخذه عمه الى الشام في تجارة؟ وابا بكر وبلال رضي الها عنه
هل تعرفون كم كان سن رسول الله حين ذهب الى الشام وألتقى بالراهب؟ تسع سنين.


ولد رسول الله صلى الله عليه وسلم سنة: 53 ق هـ.
ولد ابا بكر بن قحافة: 50 ق هـ.
ولد بلال بن رباح (رضي الهه عنه): 43 ق هـ.
نجد النبي يكبر ابا بكر بـ 3 سنوات تقريبا
النبي يكبر بلال بن رواح بـ 10 سنوات
أبي بكر يكبر بلال بن رواح بـ 7 سنوات.
ما هي السنة التي اِنتقل فيها محمد مع عمه واِلتقى بالراهب 53ق هـ - 9 سنين = 44 ق هـ
لأبي بكر تكون كاتالي = 50ق هـ - 6 سنين = 44 ق هـ
مولد بلال بن رباح في 43 ق هـ .
عندما ذهب محمد (ص) إلى الشام مع عمه لم يكن بلال موجودا أصلا في هذه الدنيا، فأقول لمعتمدي هذه الرواية ما هي حجتكم؟ كيف تبررون هذه الأكذوبة؟.

 

النتيجة :
هي قصة خيالية مكتوبة من طرف أعداء أهل بيت محمد ليضربوا الدين الاِسلامي الصحيح بالأحاديث الموضوعة والروايات المشبوهة ليصدوا الناس من قراءة وسماع الأحاديث الصحيحة المنقولة عن الأئمة المعصومين عليهم السلام من آل بيت محمد، حتى شوهوا مسار جهاد النبي محمد (ص) ولخـّصوه أنه من صنع الراهب وكان يزوره من حين الى آخرـ هذا النبي المنتظر هَذَا سَيِّدُ العَالَمِينَ، هَذَا رَسُولُ رَبِّ العَالَمِينَ، هَذَا يَبعَثُهُ اللَّهُ رَحمَةً لِلعَالَمِينَ ـ وهاديا للبشر ليعبدوا الواحد الأحد.
فيريد أن يجعل من ابي بكر الصاحب والرفيق والحامي والمدافع عن رسول الله منذ الصغر اِذن فهو أشجع من محمد(ص)، فيحتاج الى كرامات تقابل كرامات محمد (ص) وعلي (ع) وآل بيته من الأئمة المعصومين ليضل الناس ويبعدهم عن ألأئمة المعصومين، فيحتاج أن يكون هو خليفته من بعده . ولكن لم يحسبها جيدا ان الناس ستعرف كيف تقرأ أرقام التواريخ ثم تكشف زيغ الراوي وأتباعه.
يريد ان يقول أن محمد (ص) من صنع الراهب مثل علي (ع) وشيعته من صنع ابن سبا اليهودي