بقلم: الباحثة المسيحية إيزابيل بنيامين ماما آشوري

 

 

 

في انخطافة روحية تمردت فيها روحه ضد العلائق المادية وحلقت في الأعالي حيث كنوز الرب الدفينة شاهد يوحنا شيئا ارتاع له وبات أنينه يقضّ مضاجع الكروبيم وهو يستمع إلى أنين سيدة السماء من وراء سرادقات الغيب تنينا احمر اللون ينفث نارا وتوعدا وقد انتضى مشعلا تحف به حراشف السوء وهو يضرم النار في بيت القديسة.

في جزيرة صغيرة على شواطئ آسيا في تركيا وفي كهف ضيق من جبال منفاه الذي نفاه إليه الإمبراطور (دومتيانوس) كتب يوحنا رؤياه، وهي الرؤيا التي تنبأت بما يحدث على الأرض إلى يوم القيامة.

تنبأ عن حقائق روحيّة سماويّة، لا يعبر عنها بلغة بشريّة، لهذا جاءت في أعداد ورموز وألوان وتشبيهات حملت كلماته معاني عميقة، وقف آباء الكنيسة في دهشة أمامها ! إن أسرار هذه الرؤيا تتعلق بالمستقبل وبأشخاص معينين تدور عليهم وقائع وأحداث هذه الرؤى ولم ينكر أي أحد من هؤلاء بأن هذه الرؤى ليس لها علاقة بالمسيحية بل تتعلق في نهاية الأزمنة عند ابتداء حقبة دينية جديدة تحمل ختم السماء.

يرى يوحنا بأن حقبة من الآلام تدور رحاها على امرأة عظيمة جدا لها شأن كبير وهي آية عظيمة من آيات السماء بحيث أن رأسها سوف يكون بين الشمس والقمر والنجوم تحيط برأسها مثل اكليل من الورد فيقول كما في سفر رؤيا يوحنا اللاهوتي 12: 1: (( وظهرت آية عظيمة في السماء. امرأة متسربلة بالشمس والقمر تحت رجليها وعلى رأسها اكليل من اثني عشر كوكبا وهي حبلى تصرخ متمخضة لتلد)).

سبحان الرب ما هذه الأوصاف إنها بنت الشمس وزوجة القمر ولها احد عشر ولدا والثاني عشر حبلى به تتمخض على وشك الولادة.

ملاحظة: الإثنا عشر يبدأون من علي وينتهون بالمهدي، والثالث عشر هو المحسن السقط.

كيف لي أن أعرف وأن كل عقائدنا تخلو من ذكرٍ لهؤلاء ذهبت يمينا وشمالا سألت حتى كل لساني لا أحد يتكلم.اتجهت إلى المصادر البوذية فلم تسعفني. ذهبت إلى الهندوسية فلم أجد سوى الاصنام والخرافات لم اجد امرأة بهذه المواصفات إلا في ديانة واحدة هي الإسلام. حيث حفلت كتب التفسير والتاريخ والحديث بالكثير من هذه التفسيرات التي تخلب اللب وتهز المشاعر.

 

فماذا وجدت؟

وجدت هذه الرواية التي تقول: الشمس نبي المسلمين، والقمر علي بن أبي طالب فعن نبي المسلمين قال: (معاشر الناس ! من افتقد الشمس فليتمسك بالقمر.. أنا الشمس وعلي القمر).

وعن سليمان الديلمي عن أبي عبد الله الصادق قال: سألته عن قول الله عز وجل {وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا}. قال: الشمس رسول الله أوضح للناس في دينهم. قلت {وَالْقَمَرِ إِذَا تَلَاهَا}؟ قال: ذاك أمير المؤمنين تلا رسول الله… وروى عن ابن عباس قال: قال رسول الله: مثلي فيكم مثل الشمس ومثل علي مثل القمر فإذا غابت الشمس فاهتدوا بالقمر.

إذن هذه المرأة العظيمة آية السماء الكبرى هي ابنة هذا النبي وزوجة ذلك الإمام الذي ولدت منه اثنى عشر غلاما، ولكن ما هو مصير الابن الثالث عشر. ماذا حدث له ولماذا حول رأسها فقط اثنا عشر كوكبا؟

يقول يوحنا : ((وظهرت آية أخرى في السماء هوذا تنّين عظيم أحمر لهُ سبعة رؤوس وعشرة قرون وعلى رؤوسه سبعة تيجان وذنبه يجر ثلث نجوم السماء فطرحها على الأرض والتنين واقف أمام المرأة العتيدة أن تلد حتى يبتلع ولدها)).

 

تنين أحمر؟!

من هو هذا التنين الأحمر الذي له سبعة رؤوس وعشرة قرون وسبعة تيجان وهذا وصف لشخص يوصف بالشراسة والعرامة والصرامة فظ غليظ حوزتهُ خشناء يغلظ كلمُها ويخشُن مسُها ويكثر العثار فيها فمنى الناس ـ منه ـ بخبط وشماس وتلون واعتراض.

وقوله يجر ثلث نجوم السماء. والثلث واحد من ثلاثة ولما كان الحسن والحسين والمحسن ثلاثة إذن فإن الثلث هو السقط الأخير. وقد ورد بان الأئمة هم نجوم السماء وهم أمان للأرض كما أن النجوم أمان للسماء. وسقط المولود الثالث عشر ومات ولكن الله الرب لم يترك مسألة الثأر لهذا القتيل الذي استهل في أول إطلالته للدنيا ولحق بجده العظيم حيث يقول يوحنا بأن الرب هيأ شخصا سوف يأخذ بالثأر من هؤلاء وخصوصا من التنين الأحمر فيقول: إن الله قد عين مسبقا شخصا لكي ينتقم من هؤلاء ويُدين المسكونة بدين الحق وهذا المولود هو من نسل هذه المرأة العتيدة اسمه القائم. ((فولدت ابنا ذكرا عتيدا، أن يرعى جميع الأمم بعصا من حديد، واختطف ولدها إلىالله وإلى عرشه)) أي إن هذا المولود المهدي بعد ولادته اختطف إلى الله فهو في أمانه وحفظه إلى يوم يخرج فيملأها قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا. وهذا نفسه قال عنه يسوع: ((عليه سيكون رجاء الامم)).

بعد كل هذا أما آن لنا أن نعرف من هو هذا التنين الأحمر؟ وماذا تقول عنه روايات المسلمين أنفسهم؟ فقد ذكر المؤرخون بأن عمر بن الخطاب كان شعره كثيفاً فيه صهوبة. والاصهب هو المائل للحمرة.

وقال ولده عبد اللـه بن عمر: كان أبي أبيض تعلوه حمرة، طوالاً، أصلع، وقال غيره: كان أمهق – أعْسَرَ وقال أبو الرجاء العطاردي: كان طويلاً جسيماً، شديد الصلع، شديد الحمرة، في عارضيه خفة.

إذن يتبين من ذلك بأن عمر بن الخطاب كان أبيض تعلوه حمرة وفي كلام غيره شديد الحمرة. وفي وصف آخر انه كان اصهب والاصهب الذي يميل إلى الحمرة، أو امهق والأمهق هو وصف التنين كما ورد في المعاجم وهو لمن يميل لونه للاحمرار.

رسالة بولس الرسول إلى أهل رومية 15: 12 والمولود الذي تلده المرأة العتيدة من نسلها اسمه القائم: ((ويكون في ذلك اليوم أن أصل يسي و القائم راية للشعوب إياهُ تطلب الأمم ويكون محله مجدا)).

انظر العلامة الحافظ أبو الحسن علي بن محمد المدائني (توفي 244هـ) فيما رواه عن ابن عبد ربه الأندلسي. ووقد أخرج ابن سعد في طبقاته عن القاسم بن محمد قال: سمعت ابن عمر يصف أباه عمر يقول: كان رجلا أبيض تعلوه حمرة. وقال الواقدي كان عمر أبيض أمهق، تعلوه حمرة. ولربما استعار الرب كلمة التنين لأن التنين كما في الروايات هو الحيوان الذي ينفُث نارا حارقة. وهذا إشارة إلى قبس النار الذي كان في يد هذا الأحمر الأمهق ليحرق به بيت المرأة العتيدة آية السماء.