نهي أبي بكر وعمر عن متعة الحجّ

روى أحمد بن حنبل في مسنده: (حدثنا عفان، حدثنا وهيب، حدثنا أيوب، عن ابن أبي مليكة، قال: قال عروة لابن عباس: حتى متى تضل الناس يا ابن عباس؟ قال: ما ذاك يا عُرَيَّة؟ قال: تأمرنا بالعمرة في أشهر الحجّ، وقد نهى أبو بكر وعمر فقال ابن عباس: قد فعلها رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقال عروة: هما كانا أتبع لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وأعلم به منك).
قال المحقق شعيب الأرناؤوط في تحقيقه للمسند (ج4، ص132-133، رقم الحديث2277): (إسناده صحيح على شرط الشيخين).
قال المحقق أحمد شاكر في تحقيقه للمسند (ج3، ص45-46، رقم الحديث 2277): (إسناده صحيح).

وروى الحافظ المقدسي في كتابه (الأحاديث المختارة، ج10، ص331، رقم الحديث 357): (أخبرنا أبو أحمد عبد الله بن أحمد أن هبة الله أخبرهم أبنا الحسن ابنا أحمد، ثنا عبد الله، حدثني أبي، ثنا حجاج، ثنا شريك، عن الأعمش، عن الفضيل بن عمرو، قال: أراه عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال: تمتع النبي صلى الله عليه وسلم. فقال عروة بن الزبير: نهى أبو بكر وعمر عن المتعة. فقال ابن عباس: ما يقول عُرَيَّة؟ قال: يقول نهى أبو بكر وعمر عن المتعة. فقال ابن عباس: أراهم سيهلكون أقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ويقول نهى أبو بكر وعمر).
قال المحقق عبد الملك بن عبد الله بن دهيش: (إسناده حسن).

 

وروى الخطيب البغدادي في (الفقيه والمتفقه، ص292، رقم الحديث 380): (أنا أبو الحسن، علي بن يحيى بن جعفر الأصبهاني، أنا عبد الله بن الحسن بن بندار المديني، نا أحمد بن مهدي، نا أبو الربيع الزهراني، نا حماد يعني ابن زيد، نا أيوب، عن ابن أبي مليكة أن عروة بن الزبير قال لابن عباس: أضللت الناس! قال: «وما ذاك يا عرية؟» قال: تأمر بالعمرة في هؤلاء العشر، وليست فيهن عمرة! فقال: «أولا تسأل أمك عن ذلك؟» فقال عروة: فإن أبا بكر وعمر لم يفعلا ذلك. فقال ابن عباس: «هذا الذي أهلككم – والله – ما أرى إلا سيعذبكم، إني أحدثكم عن النبي صلى الله عليه وسلم، وتجيئوني بأبي بكر وعمر» فقال: عروة: هما والله كانا أعلم بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأتبع لها منك.
قلت -الخطيب البغدادي- : قد كان أبو بكر وعمر على ما وصفهما به عروة، إلا أنه لا ينبغي أن يُقَلَّدَ أحدٌ في ترك ما ثبتت به سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم).
قال المحقق عادل بن يوسف العزازي: (إسناده صحيح).

وقال الحافظ ابن حجر العسقلاني في كتابه (المطالب العالية بزوائد المسانيد الثمانية، المجلد 7، ص 96، رقم الحديث 1287): (قال إسحاق، أنا سليمان بن حرب، عن حماد بن زيد، عن أيوب، عن ابن أبي مليكة، قال: قال عروة لابن عباس: ويحك أضللت؟! تأمرنا بالعمرة في العشر وليس فيهن عمرة! فقال: يا عري، فسَلْ أمك! قال: إن أبا بكر وعمر لم يقولا ذلك، وكانا أعلم برسول الله صلى الله عليه وسلم وأتبع لها منك. فقال: «من ههنا ترمون نجيئكم برسول الله صلى الله عليه وسلم وتجيئون بأبي بكر وعمر». سنده صحيح).

 

يُستفاد من هذه الرّواية:
1. أنّ النهي عن سنّة رسول الله (صلّى الله عليه وآله) في متعة الحجّ كان منذ زمن أبي بكر واستمرّ في زمن عمر بن الخطاب وعثمان بن عفّان، أيّ أنّه تمّ المنع من هذا التشريع الإسلاميّ لمدة تقارب 35 عاماً، وقد رفض هذا المنع أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السّلام، ومن هنا تعرف السّبب في رفضه لشرط العمل بسيرة الشيخين والذي اشترط عليه بعد مقتل عمر وصيرورة الشورى في ستّة، فصارت الخلافة إلى عثمان بسبب قبوله لذلك الشرط، ولذلك استمرّ على النهي عن متعة الحجّ.
2. تحريف الشريعة في أذهان التابعين، فهذا عروة بن الزبير بن العوّام يرى المنع عن متعة الحجّ بذريعة نهي أبي بكر وعمر عنها، ويرى مخالفتهما «ضلالاً».
3. تقديم كلام أبي بكر وعمر على نصّ النبيّ الأكرم (صلى الله عليه وآله) عند بعض التابعين، وهذا انحرافٌ كبيرٌ أسّسه أولئك الخلفاء.

 

 

يتبع......