الدكتور صلاح الدين الحسيني _ فلسطين

 

المولد والنشأة:

ولد عام ١٣٨٠ هـ (١٩٦١م) في «فلسطين» ، في أُ سرة سنّية المذهب ، واصل دراسته الأكاديمية حتى الحصول على شهادات عليا في اختصاص الطب والدراسات الإسلامية .

كان «صلاح الدين» ـ وبحكم البيئة التي نشأ فيها ـ يسعى دائماً للالتزام بالدين الإسلامي وتعاليمه ، هذه النشأة جعلته دائم البحث والتقصّي في الأمور الدينية ، وممّا لفت نظره في هذا المجال كثرة التساؤلات الاعتقادية التي طالما غاب جوابها عنه ; الأمر الذي جعله يستمر في أبحاثه بجدّية أكبر من ذي قبل .

يقول «صلاح الدين» : لقد كنّا دائماً منذ صغرنا نصطدم بكثير من الحقائق ، وخصوصاً الأحداث التي حصلت في عصر نبيّنا الأكرم محمّد (صلى الله عليه وآله) وفي عصور الخلافة الأولى ، ونحتاج إلى أجوبة مقنعة ، ولكن كانت تُبرَّر من العلماء بمبرّرات أظنّها ليست مقنعة لهم ، وكنّا نتخيّل تاريخنا خال من التناقضات ، وكنّا نسمع عن تجاوزات كثير من الخلفاء الأمويين والعباسيين ، ونقرأ الكثير عن سهرات المجون والفسق ، وكلّ ذلك كنّا نجد له تبريراً عند علمائنا ، صحيح أنّ التبرير غير مقنع ومخالف للواقع ، لكنّ المهم أنّ التبريرات كانت جاهزة .

وبعد الرجوع والتدقيق في حياة الرسول (صلى الله عليه وآله) وعصر الخلافة الأُولى والثانية

والثالثة ، اصطدمت بكثير من الحقائق ، والتي كنّا إذا سألنا عنها أحداً من العلماء ، لا نجد جواباً إلاّ الصدّ والوجوه المكفهرة ، وربّما الاتّهامات الباطلة والقدح والذم .

لقد لفت نظري كثيراً الحديث النبويّ الذي يقول : تفترق أمّتي على ثلاثة وسبعين فرقة كلّها في النار إلاّ واحدة(1) ، وهذا الحديث في اعتقادي أنّه يوجب على المسلمين جميعاً ، البحث والنظر من أجل أن يكونوا في صفّ الفرقة الناجية ومعها .

ومن القضايا التاريخية التي تلفت النظر حقيقة تغييب أهل البيت (عليهم السلام)وفضائلهم ، مع أنّ القرآن الكريم والسنّة النبويّة أكدّا على فضلهم ووجوب اتّباعهم وطاعتهم ، فلماذا لم تتبعهم الأمّة ؟ ! بل تركتهم ولم تطع الله ورسوله (صلى الله عليه وآله) في شأنهم ، بل وعلى مرّ التاريخ كانت تضع المبرّرات لتأويل النصوص وصرفها عن معناها أو تضعيفها ، ولازال هذا الأمر هو الشغل الشاغل لعلماء أهل السنّة ، فدائماً تراهم يؤوّلون النصوص المتعلّقة بولاية أهل البيت (عليهم السلام) أو يقومون بتضعيفها ، وكأنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) عندما تحدّث بتلك الآلاف المؤلّفة من الأحاديث التي تأمر باتّباع أهل البيت (عليهم السلام) ، يظهروه وكأنّه يتحدّث للتسلية وليس للتشريع .

ومن القضايا التي كان لها الأثر الكبير في البحث هي : مواقف الصحابة الكثيرة والعديدة ، والتي لا يجد الإنسان المنصف إلاّ تفسيراً واحداً لها ، وهو : عدم الصدق والإخلاص في متابعة رسول الله (صلى الله عليه وآله) .

لماذا قاموا بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله) بمعاداة أهل البيت (عليهم السلام) ، وأظهروا البغض لهم ، واعتدوا على السيّدة الزهراء (عليها السلام) وهجموا على بيتها ، وأسقطوا جنينها ؟ !

لماذا توفّيت السيّدة الزهراء (عليها السلام) ، وهي غاضبة على أبي بكر وعمر ، مع أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال : إنّ الله يغضب لغضبك ويرضى لرضاك ؟ !(2)

لماذا قُتل الإمام عليّ (عليه السلام) ، ولماذا قُتل الإمام الحسين (عليه السلام) ، ولماذا قُتل جميع الأئمّة (عليهم السلام) من قبل المسلمين والسلطة الحاكمة ؟ !

لماذا عندما بويع لأمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) قام معاوية بن أبي سفيان بالخروج عليه وقتاله ؟ !

لماذا خرجت عائشة لقتال أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) ، مع أنّ الله أمرها بأنّ تقرّ في بيتها ، ورسول الله (صلى الله عليه وآله) قد حذّرها كثيراً من ذلك ؟ !

وأيضاً من القضايا التي لا يمكن السكوت عليها ، بل كانت دائماً محلّ تساؤل عندي ، مواقف الصحابة في أحد وحُنين ، وكذلك في معركة الخندق عندما دعاهم رسول الله (صلى الله عليه وآله) لمبارزة عمرو بن ودّ العامري ، على أن يضمن لمن يبارزه الجنّة ، فلم يقم لا أبو بكر ولا عمر ، ولكن قام أمير المؤمنين عليّ (عليه السلام) .

وأيضاً لماذا هرب عمر بن الخطّاب وغيره في حُنين ، وترك رسول الله (صلى الله عليه وآله) ؟

أمّا القضيّة الأخطر ، والتي صدمتني ولم أجد لها جواباً عند العلماء سوى التبريرات التي لا تقنع أي إنسان ، هي قضيّة رزيّة الخميس ، عندما دعاهم رسول الله (صلى الله عليه وآله) ليكتب لهم كتاباً لن يضلّوا بعده أبداً ، فمنعه عمر بن الخطّاب من ذلك ، واتّهمه بالهجر والهذيان ، وقال : حسبنا كتاب الله(3) .

لماذا قام أبو بكر بحرق سنّة رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، وكذلك عمر قام بحرقها أيضاً ، ومنعا من التحديث بها وتدوينها ، ممّا أدّى إلى ضياعها ؟

لماذا لم يؤمن عمر بن الخطّاب برسول الله (صلى الله عليه وآله) يوم صلح الحديبية ، مع أنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال له : إنّي رسول الله ولن يضيّعني(4) ، ولكنّ عمر بن الخطّاب لم يقتنع ، وظلّ يخذّل المسلمين عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) ؟

لماذا قام المسلمون في زمان حكم الأمويين من معاوية بن أبي سفيان وحتى زمان عمر بن عبد العزيز بسبّ وشتم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) على المنابر لأكثر من ثمانين عاماً ، وسكتوا حتى عن تبرير ذلك الأمر ، مع أنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال : من سبّ علياً فقد سبّني ، ومن سبّني فقد سبّ الله(5) ؟ !

مواقف عجيبة وعديدة ، المئات منها ، يصطدم بها الباحث المسلم دون أن يجد لها جواباً .

كل هذه الأسئلة كانت محلّ تساؤل وحيرة عندي وعند كثير من المؤمنين ، بقيت ولفترة طويلة دون إجابة شافية إلى أن منّ الله علَيّ بالهداية والولاية ومعرفة الصراط المستقيم ، أهل البيت (عليهم السلام) ، سفينة النجاة والعروة الوثقى(6) .

وكان تاريخ استبصاره عام ١٤١٨ هـ (١٩٩٨م) .

 

مؤلفاته:

1- سبيل المستبصرين إلى الصراط المستقيم

2- لابتلاء سنّة إلهية على بساط العبودية

3- محورية حديث الثقلين في العقيدة والأحكام

4- سفينة الناجين

5- نظرات المستبصرين

6- الفتنة في الفكر الاسلامي 

7- نهج المستنير وعصمة المستجير

8- معالم الشخصية الإيمانية

______________________________________________________________________________

 

الهوامش:

1- راجع الحديث بألفاظه المختلفة في : مسند أحمد ٣ : ١٢٠ و٤ : ١٠٢ ، سنن ابن ماجة ٢ : ١٣٢٢ ، سنن أبي داود ٢ : ٣٩٠ .

2- المستدرك على الصحيحين ٣ : ١٥٤ ، المعجم الكبير ١ : ١٠٨ .

3- راجع : صحيح البخاري ٥ : ١٣٧ ـ ١٣٨ ، و٧ : ٩ ، صحيح مسلم ٥ : ٧٦ .

4- صحيح البخاري ٦ : ٤٥ ، صحيح مسلم ٥ : ١٧٥ .

5- المستدرك على الصحيحين ٣ : ١٢١ .

6- مقتطفات من مقدمة كتابه : «سبيل المستبصرين إلى الصراط المستقيم» : ١٢ ـ ١٦ . (بتصرف يسير) .