بقلم: السيد عبد الهادي العلوي 

 

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم 

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته 

 

 إنّ من أعظم نعم الله تبارك وتعالى تنصيب عليّ  (عليه السّلام) أميراً للمؤمنين وإماماً للمسلمين في واقعة غدير خم، ونزلت بشأنها العديد من الآيات الشريفة. 

وكنتُ في سالف الأيّام قد دشّنت بحثاً مختصراً، استقصيتُ فيه الآيات المرتبطة بحادثة الغدير، وهو ـ بلا شكّ ـ يتخلله النقص؛ إذ اقتصرت على تتبّع سريع في موسوعة بحار الأنوار، ولكن ظهرت النتائج مختلفة عمّا ارتكز في الأذهان من كون الآيات النازلة في سياق حادثة الغدير ثلاثة فقط!. 
ولعلّ منشأ هذا الارتكاز: أنّ العلماء اهتمّوا بهذه الآيات الثلاثة - وهي الثلاثة الأولى في البحث - بالخصوص لكونها دخيلة في استدلالاتهم الكلاميّة، فكتبوا كتباً وبحوثاً معنونة بـ (آيات الغدير) مقتصرين عليها، ولم أذكر الأخبار الدالّة على نزولها في واقعة الغدير؛ لشدّة وضوحها وكمال ذيوعها، فلا ينكرها إلّا معاند أو جاهل. 

▫️ولم أقتصر على إيراد المعتبر، بل ذكرت كلّ ما وجدته من الأخبار، فليكن هذا بالحسبان، وعلى الله التكلان. 

[1] قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ) [المائدة: 67]. 

[2] قوله تعالى: (سَأَلَ سَائِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ * لِّلْكَافِرينَ لَيْسَ لَهُ دَافِعٌ ) [المعارج: 1ـ2].

[3] قوله تعالى: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِيناً) [المائدة: 3].

 

[4] قوله تعالى: (ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ * مَا أَنتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ * وَإِنَّ لَكَ لَأَجْراً غَيْرَ مَمْنُونٍ * وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ * فَسَتُبْصِرُ وَيُبْصِرُونَ * بِأَييِّكُمُ الْمَفْتُونُ) [القلم: 1ـ6]. 

روى فرات عن محمّد بن عليّ الباقر (عليهما السلام) يقول: « نزل جبرئيل (عليه السلام) على النبيّ (صلى الله عليه وآله) بعرفات يوم الجمعة، فقال: يا محمّد، إنّ الله يقرؤك السّلام ويقول: قل لامتك: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي) بولاية عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) ـ فذكر كلاماً فيه طول - فقال بعضُ المنافقين لبعض: ما ترون عينيه تدوران؟ - يعنون النبيَّ - كأنّه مجنون، وقد افتتن بابن عمّه، ما باله رفع بضبعه لو قدر أن يجعله مثل كسرى وقيصر لفعل. فقال النبيّ (صلى الله عليه وآله): (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ).- يُعلِم النّاسَ أنّ القرآن قد نزل عليه، فأنصتوا ـ فقرء: (ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ * مَا أَنتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ) يعني: مَنْ قال من المنافقين (وَإِنَّ لَكَ لَأَجْراً غَيْرَ مَمْنُونٍ) بتبليغك ما بلّغت في عليّ (وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ * فَسَتُبْصِرُ وَيُبْصِرُونَ * بِأَييِّكُمُ الْمَفْتُونُ) ». قال: « وهكذا نزلت »(1).

[5] قوله تعالى: (وَأَوْفُواْ بِعَهْدِ اللّهِ إِذَا عَاهَدتُّمْ وَلاَ تَنقُضُواْ الأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلاً إِنَّ اللّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ * وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِن بَعْدِ قُوَّةٍ أَنكَاثاً تَتَّخِذُونَ أَيْمَانَكُمْ دَخَلاً بَيْنَكُمْ أَن تَكُونَ أُمَّةٌ هِيَ أَرْبَى مِنْ أُمَّةٍ إِنَّمَا يَبْلُوكُمُ اللّهُ بِهِ وَلَيُبَيِّنَنَّ لَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ) [النحل: 91ـ92].

روى الشيخ القميّ عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: « لمّا نزلت الولاية وكان من قول رسول الله (صلى الله عليه وآله) بغدير خم: سلِّموا على عليٍّ بإمرة المؤمنين (عليه السلام)، فقالوا: أَ مِنَ الله ورسوله؟ فقال لهم: نعم حقّاً من الله ورسوله، فقال: إنّه أمير المؤمنين وامام المتّقين وقائد الغرّ المحجلين، يقعده الله يوم القيامة على الصّراط، فيدخل أولياءَه الجنّة ويدخل أعداءَه النّار، وأنزل الله (عزّ وجلّ): (وَلاَ تَنقُضُواْ الأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا..) يعني قول رسول الله (صلى الله عليه وآله): من الله ورسوله، ثمّ ضرب لهم مثلاً، فقال: (وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِن بَعْدِ قُوَّةٍ أَنكَاثاً تَتَّخِذُونَ أَيْمَانَكُمْ دَخَلاً بَيْنَكُمْ) »(2).

[6] قوله تعالى: ﴿وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ * نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ * عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ * بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُّبِينٍ * وَإِنَّهُ لَفِي زُبُرِ الْأَوَّلِينَ﴾ [الشعراء: 192ـ196]

روى القميّ عن أبي عبد الله (عليه السّلام) في قوله: ﴿وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ * نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ * عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ﴾ قال : « الولاية نزلت لأمير المؤمنين (عليه السّلام) يوم الغدير »(3).

 

__________

الهامش:

(1) تفسير فرات، ص497؛ بحار الأنوار، ج37، ص173.
(2) تفسير القمي، ج1، ص389.
(3) تفسير القمي، ج2، ص123.

 

يتبع.....