المستشار الدمرداش العقالي _ مصر
المستشار الدمرداش العقالي _ مصر
من مواليد دولة مصر، نشأ في أواسط صعيد مصر في اقليم أسيوط قرية العقال، واصل دراسته الأكاديمية حتى تخرّج عام 1954 م من كلية الحقوق ـ جامعة القاهرة.
تصديه للمهام المختلفة:
اشتغل فترة بالمحاماة، ثم عُيّن قاضياً في وزارة العدل المصرية، وتدرج في سلك القضاء إلى درجه مستشار بمحكمة استئناف القاهرة.
عُيّن حوالي عام 1975م مستشاراً لوزارة الداخلية في السعودية ومعاون فيها من قبل القضاء المصري.
ثم عاد إلى مصر فلم تمض فترة حتى استقل من القضاء لأجل الاشتغال بالعمل السياسي، فانتمى لحزب العمل المصري حتى انتخب عام 1984 م باجماع قواعد هذا الحزب نائباً لرئيس الحزب.
وفي عام 1986 م صدر قرار من قبل رئيس جمهورية مصر العربية بتعيينه عضواً في مجلس الشورى المصري.
وفي عام 1987م رشّح نفسه في انتخابات مجلس الشعب المصري، فانتخب عضواً بعد حصوله على 127 ألف صوت وهي أعلى نسبة حصل عليها عضو بمجلس الشعب المصري أنذاك، فقام بعدها بممارسة دوره في هذا المجال لتحقيق السلام الاجتماعي للأمة.
رحلته الفكرية:
واجه خلال عمله في شتى الأصعدة جملة من القضايا دعته لأن يعيد النظر في عقائده الموروثة، فتوجه إلى البحث ملتمساً سبيل الحق، حتى انار الله سبحانه وتعالى قلبه، فوجد الحق عند أهل البيت (عليهم السلام) ، فاسرع بعد ذلك إلى اتباع نهجهم والسير على خطاهم.
أول محطة جادة دفعته للاستبصار:
يقول المستشار الدمرداش: "لقد مرّ عليّ زمن استغرق عقدين من السنين حاولت خلالها أن أتعرف على وجه الحق في الاعتقاد بمذهب أهل البيت (عليهم السلام) ، وكان منطلقي في بداية البحث ريفيٌ حيث جُبلت على حب أهل البيت (عليهم السلام) واعطائهم الولاء القلبي الكامل.
ثم اتفق لي لما شغلت منصب القضاء في مصر أن وُكِل إليّ في الأعوام 65 ـ 1967م الفصل في قضايا الاحوال الشخصية للمسلمين والمسيحيين في احدى مدن الصعيد وهي مدينة "كومومبو" في محافظة "اسوان" حيث يتعايش المسلمون والمسيحيون في سلام اجتماعي واحترام متبادل.
فاتفق لي أن عرضت عليّ قضية تطليق بين مسيحي ومسيحية، وكان مبنى الدعوة التي اقامها الزوج على الزوجة هو الزنا، وهو السبب الوحيد لفصل العروة الزوجية عند الاقباط الارثوذكس.
وكان القانون ينص على أن القاضي عند نظره الدعاوي بين المسيحيين يحضر معه رجل الدين المسيحي، وكان القسيس الذي حضر معي الجلسة يبدو عليه التوتر والازعاج مما يرمي به المدعى الزوج زوجته المدعى عليها، فاشفقت عليه مما يعانيه واردت أن اداعبه، فقلت له: هلا استطعتم أن تبحثوا عن طريق لتخفيف الانفلاق في مسألة الطلاق بحيث يستطيع الزوج عندكم أن يطلق من غير حاجة إلى اتهام زوجته بالزنا؟!
فجاء رد الرجل سريعاً منفعلاً قائلا: أتريد أن تجعل الطلاق عندنا مثل ما عند المسلمين حيث تطلَّق المرأة من غير ضوابط؟!
فتركت هذه العبارة أثرها العميق في نفس الدمرداش واورثته صدمه لم يكن متوقعاً لها.
وعي أفضلية الفقه الجعفري:
ذهب المستشار الدمرداش بعد تلقيه هذه الصدمة إلى فضيلة المرحوم الشيخ أبو زهرة وكان استاذاً له في كلية الحقوق وشكى اليه قواعد الطلاق في مذهب أبي حنيفة، فكان جواب الشيخ أبو زهرة: يا ولدي لو كان الأمر بيدي ما جاوزت في القضاء والفتيا مذهب الإمام الصادق (عليه السلام) ، ثم وجهه الى أن يعود إلى أحكام الطلاق عند مذهب أهل البيت (عليهم السلام) .
فراجع الدمرداش مصادر المذهب الإمامي الجعفري فتبين له أنّ الطلاق عندهم لا يقع إلاّ بشروط وضوابط، فقال في نفسه: "سبحان الله كيف غاب هذا عن فقهاء خلفوا مذاهب يدين بها الناس وتتأثر بها العلاقات ويصبح بها الحلال حراماً والحرام حلالاً".
فكانت هذه أول محطة جادة وضعته مع نفسه، ثم اتفق له أن قرأ كتاباً مطبوعاً على نفقه وزارة الأوقاف المصرية في عهد وزيرها الشيخ أحمد حسن الباقوري عام 1955 عن الفقه الإمامي الشيعي عنوانه "المختصر النافع في فقه الإمامية" للمحقق الحلي، فايقن بمقولة الشيخ الباقوري بأن الأهواء هي التي باعدتنا أهل السنة عن فقه الإمامية رغم ما فيه من العلاج الأمثل لكثير من العلل الاجتماعية.
يقول المستشار الدمرداش: "كانت قراءتي لهذا الكتاب متعاصرة مع قراءتي لفتوى أصدرها فضيلة الشيخ محمود شلتوت ـ شيخ الازهر الاسبق ـ حيث أفتى: "إن مذهب الجعفرية المعروف بمذهب الشيعة الإمامية الاثنا عشرية، مذهب يجوز التعبد به شرعاً" فلهذا من يومها بدأتْ رحلتي في التعبد بمذهب الامامية مؤملاً أن يزيدني الله اطلاعاً واستبصاراً على كتب أخرى".
طلب الاستنارة من القرآن الكريم:
عكف المستشار الدمرداش بعدها على القرآن الكريم الذي كان قد حفظ الكثير منه في صغره، فجعل يتأمل في آياته البينات معالم أهل البيت، وبدأ يراجع التفاسير المعتمدة عند العامة، فهاله ما وجد من مواقف قرآنية قطعية تبيّن أن هذا القرآن الذي أنزله الله بين محكم ومتشابه لابد لفهمه من أن يكون هناك دليل هاد يقود العقل بين آياته قيادة مبرأة من الجهل والهوى.
ومن هذا المنطلق أدرك المستشار الدمرداش أنّ الأمامة تحتل مركزاً متميزاً في القرآن، وبدونها يصبح القرآن عرضة للتحريف في الفهم والخطأ في التأويل، ويظل القرآن كتاباً مستشكلاً فيه بدون وجود الإمام المعصوم الذي يدل على الحقيقة.
ثم واصل المستشار بحثه حتى تبيّنت له حقائق اطمأن اليها من مصادر السنة قبل مصادر الشيعة، فاستعان بالله عزوجل طالباً المزيد من البيان والأدلة والمزيد من الاطلاع على فقه أهل البيت (عليهم السلام) .
ثاني محطة جادة دفعته للاستبصار:
بعد مباشرة المستشار الدمرداش مهمة المستشارية لوزارة الداخلية في السعودية وبعد تعيينه ومعاوناً فيها من قبل القضاء المصري، تم تعينه عضواً ضمن لجنة مهمتها الاطلاع على بعض الكتب التي يتم ضبطها من قبل الشرطة السعودية من وفد الحجيج الايراني واصدار حكم مصادرتها فيما لو كانت تستحق ذلك.
وكان غرض الحكومة السعودية من تعيين هذه اللجنة هو التظاهر حين مصادرتها للكتب الشيعية بأن هذا الأمر يتم عبر لجنة علمية وقانونية مشرفة عليه بحيث لا يتم أمر المصادرة إلاّ عن وعي بضرر دخول هذه الكتب إلى البلد وكونها من كتب الضلال التي يجب مصادرتها.
فصادف ذات يوم بعد تكوين هذه اللجنة وقبل مباشرتها لعملها أن تم ضبط كمية كبيرة من الكتب من وفد الحجاج الايرانيين، فارتأت الحكومة السعودية أن يتم أمر مصادرة هذه الكتب من قبل هذه اللجنة التي فيها الدمرداش.
فلم تمض فترة بعد قرار الحكومة السعودية، جاء رئيس اللجنة السعودي إلى المستشار الدمرداش وقدّم له كتاباً ينص على اطلاع اللجنة على الكتب ووجوب مصادرتها ثم طلب منه أن يوقّع أسفل هذا التقرير كأحد اعضاء اللجنة.
فيقول المستشار الدمرداش: "قلت له: أخي العزيز كيف يأتي لي أن اصدر حكماً بمصادرة كتب لم اطلع على أي شيء منها؟!".
ثم طلب منه الدمرداش أن يتيح له فرصة الاطلاع على هذه الكتب ليسعه بعد ذلك أن يوقع مؤيداً مفاد هذا التقرير.
فلم يقتنع مسؤول اللجنة بذلك فوقع هو وزميله السعودي، ثم رفع التقرير إلى وكيل الوزارة طالباً بأن يكتفي بتوقيعها ويُستغني عن توقيع المستشار القانوني المصري.
ويقول المستشار الدمرداش: "كان وكيل الوزارة الذي رُفع إليه التقرير منصفاً، فاستدعاني وطيب خاطري وقال لي: أنت حرّ في أن تقرأ الكتب كما تشاء.
فأعاد أعضاء اللجنة القول بأنّهم لن يقرؤوا شيئاً من هذه الكتب، لأنهم يعلمون ما فيها!".
ويضيف المستشار الدمرداش: "فزاد الله من فضل وكيل الوزارة عليّ، فاجازني عن العمل لمدة شهرين، لمراجعة هذه الكتب، لأنه كان رجلاً مثقفا، أدرك أن البحث في هذه الكتب يستغرق كل هذه الفترة، فأخذت الكتب وعكفت على قراءتها، فوجدت نفسي عند كل سطر اقرأه يولد في أعماقي انسان جديد! وكانت آخر قراءة لي حول حديث الثقلين، فقلبت فيه النظر سواءً فيما هو وارد بشأنه في مذهب أهل البيت أو مرويات العامة. فاودعني ربي أن لا أعجل إلى اتخاذ قرار هو مصيري إلى الجنة أو النار!".
نهاية مطاف البحث:
بعد ذلك توجه المستشار الدمرداش حول البحث الجاد من أجل تحديد مصيره العقائدي، وكان معظم اهتمامه استنباط العقيدة من القرآن الكريم، وبالتدريج اكتسب الرؤية الواضحة حتى أسفر الصبح وظهرت له شمس الحقيقة ساطعة، فلم يجد مجالاً للبقاء على الموروث العقائدي، فنبذ التقليد والاتباع الأعمى واختار عن وعي اتباع مذهب أهل البيت والتمسك بهديهم وملازمة سمتهم (عليهم السلام) .
مؤلفاته:
(1) "دعائم المنهج الاسلامي":
(2) "محاضرات عقائدية":
أبحاث:
(1) "مسؤوليات الامة الاسلامية في الانتظار والتحديات":
2021-02-27