الخلاف بين السنة والشيعة هل اساسه مسائل عقائدية , ام تاريخية فقط.
ورد سؤال من أحد الأخوة إلى مركز الأبحاث العقائدية
الخلاف بين السنة والشيعة هل اساسه مسائل عقائدية , ام تاريخية فقط.؟
الأخ فؤاد المحترم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
نفهم من سؤالك أنك تريد التمييز بين كون الخلاف الحاصل بين الشيعة والسنة ناتجاً من اختلاف في المعتقد أم أنه وليد مرحلة تاريخية مرت على الأمة الإسلامية أدت إلى تقسيم المسلمين إلى تلك المجموعتين, دون أن تكون هناك عقيدة صحيحة تميز وتفرق بين المسلمين.
ولكي يتضح لك الجواب لابد من فهم أن أهم خلاف حصل بينهما هو الاختلاف في الإمامة وقيادة الأمة بعد الرسول الأعظم (صلى الله عليه وعلى آله) فإذا ثبت لك أن الرسول (صلى الله عليه و آله) هو الذي نص على الخليفة من بعده وأمر باتباع ذلك الشخص مهما كانت الظروف، سوف تعرف أن الذي أنشأ التشيع هو النبي (صلى الله عليه و آله) هو الذي جعله الصراط المستقيم للرسالة التي جاء بها من السماء، وأن الأختلاف عنها معناه الوقوع في الضلال.
ونحن نورد بعضاً من هذه النصوص وعليك بالبحث عن المزيد.
1- التنصيص على الخليفة في حديث بدء الدعوة.
حيث نص رسول الله (صلى الله عليه و آله) عندما دعا عشيرته في بدء الدعوة وقال لهم بعد ما دعاهم إلى الإسلام: (يا بني عبد المطلب أني والله ما أعلم شاباً في العرب جاء قومه بأفضل مما جئتكم به, أني قد جئتكم بخير الدنيا والآخرة, وقد أمرني الله عز وجل أن أدعوكم إليه, فأيكم يؤمن بي ويؤازرني على هذا الأمر, على أن يكون أخي ووصي وخليفتي فيكم)؟ وقد قام علي وقال: أنا يا رسول الله أكون وزيرك على ما بعثك الله، فقال رسول الله: أجلس ثم كرر دعوته ثانية وثالثة. ففي كل مرة يحجم القوم غير علي عن تلبية دعوته, ويقوم علي ويعلن استعداده لمؤازرة النبي وفي المرة الثالثة أخذ رسول الله (صلى الله عليه و آله) بيده والتفت إلى الحاضرين من عشيرته الأقربين وقال: أن هذا أخي ووصي وخليفتي فيكم, فأسمعوا له وأطيعوا…) (أنظر تاريخ الطبري: 2 ـ 62 ـ 63).
2- حديث المنـزلة.
لما خرج رسول الله (صلى الله عليه و آله ) إلى غزوة تبوك قال لعلي (عليه السلام) بعد ما خلفه المدينة: (أما ترضى أن تكون مني بمنـزلة هارون من موسى, إلا أنه لا نبي بعدي, أنه لا ينبغي أن أذهب إلا وأنت خليفتي) (أنظر المستدرك 3 / 133 , البخاري 4/ 208).
والاستثناء يدل على ثبوت ما لهارون من المناصب لعلي (عليه السلام) سوى النبوة.
3- حديث الغدير المتواتر.
قوله (صلى الله عليه وآله) فيه: (من كنت مولاه فهذا علي مولاه, اللهم وال من وآلاه وعاد من عاداه, وأنصر من نصره وأخذل من خذله…).
وهناك العشرات بل المئات من الأدلة التي تثبت أحقية الإمام علي (عليه السلام) بالخلافة وثبوت ذلك بالنص القرآني والسنة النبوية, مما يدل على أن الخلاف ناشيء حول مسألة اعتقادية ثبتها رسول الله (صلى الله عليه و آله ) في حياته وهي: إمامة المسلمين من بعده كما وأشار (صلى الله عليه و آله) في نصوص كثيرة إلى أسم تلك الفرقة التي تمثل الامتداد الصحيح للإسلام.
فعن جابر قال كنا عند النبي (صلى الله عليه وآله) فأقبل علي (عليه السلام) فقال النبي (صلى الله عليه وآله ): (والذي نفسي بيده أن هذا وشيعته لهم الفائزون يوم القيامة) (الدر المنثور 6/379). وعن ابن عباس قال: لما نزلت (( أن الذين أمنوا وعملوا الصالحات أولئك هم خير البرية )) قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): (هو أنت وشيعتك يوم القيامة راضين مرضيين).
وروى ابن حجر في (الصواعق ص 161) عن أم سلمه قول النبي (صلى الله عليه و آله) لعلي (عليه السلام): (يا علي أنت وأصحابك في الجنة, أنت وشيعتك في الجنة) (أنظر المعجم الأوسط 6 / 355).
وذكر الزمخشري في ربيعه أن رسول الله قال: (يا علي…… وأخذ ولدك بحجزتك وأخذ شيعة ولدك بحجزهم فترى أين يؤمر بنا).
وروى أحمد في المناقب أنه (صلى الله عليه و آله) قال لعلي (عليه السلام): ( أما ترضى أما ترضى أنك معي في الجنة وشيعتنا عن إيماننا وشمائلنا) (أنظر الصواعق ص 161). وروى المغازلي بسنده عن آنس بن مالك: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله ): (يدخلون من أمتي الجنة سبعون ألف لا حساب عليهم, ثم التفت إلى علي فقال: هم شيعتك وأنت أمامهم) (مناقب المغازلي : 293). وغير ذلك كثير.
وقد عرف بهذا الاسم وهو التشيع الكثير من الصحابة من أصحاب علي (عليه السلام) دون غيرهم من الصحابة الذين عرفوا بالعداء لعلي (عليه السلام). مما يدل على قدم ذلك الخلاف وأنه نشأ مع الصحابة الأوائل.
وباتضاح كل هذا يظهر لك بطلان تلك النظريات التي يرددها المستشرقون وغيرهم من أن نشأة الشيعة جاءت مع الدولة الصفوية أو البويهية أو أنه فارسي المبدأ أو أن التشيع حصل يوم صفين أو يوم الجمل أو أنه من صنيع عبد الله بن سبأ؛ فان ذلك جاء متأخراً وأن التشيع كان موجوداً قبل ذلك, وأنه تكّون مع تلك النصوص التي قالها الرسول (صلى الله عليه وآله).
ودمتم في رعاية الله
2021-05-17