ولد عام 1398هـ ، (1978م)، في الجزائر في "بتنا"، واصل دراسته الأكاديمية حتّى أكمل الإعدادية، ثُمّ توجّه نحو العمل الحرّ، كان مالكي المذهب وفق انتماء أسرته، لكنّه بعد البحث والتعرّف على مذهب أهل البيت(عليهم السلام) وجد بغيته في هذا المذهب فانتمى إليه وأعلن استبصاره عام 1421هـ ، (2001م).

لقاء مبارك!
يقول سامعي: سافرت مع صديقي إلى سوريا لنذهب منها إلى لبنان بحثاً عن العمل، لكن حصلت بعض الموانع للسفر إلى لبنان، فبقينا مقيمين في سوريا، فتعرّفت خلال هذه الفترة على أحد مبلغي الشيعة يدعى "السيّد أحمد العلوي"، فحدّثنا حول أهل البيت(عليهم السلام) ومكانتهم السامية، فدفعني هذا الأمر إلى البحث والمطالعة فقرأت بعض الكتب الشيعية، وكانت النتيجة أنّني اقتنعت بأحقّية هذا المذهب فاعتنقته بعد ذلك.

هذا من فضل الله:
يضيف "سامعي": إنّني أعتبر هذا التحوّل المذهبي من فضل الله الذي شملني، وأنّني وإنّ لم أتمكّن من الحصول على العمل، ولكن كانت ثمرة سفري هذا، وهذا أهم من العمل، لأنّني خلال هذا السفر اهتديت إلى الحقّ، وتعرّفت على الكثير من الحقائق التي كنت غافلاً عنها.
ومن جملة المواضيع التي اهتممت بها موضوع السجود على التربة عند الشيعة، وكنت أتصوّر بأنّها نوع من أنواع عبادة الحجر! ولكن اتّضح لي بعد ذلك بأنّها طريقة للسجود على المكان الطاهر والنظيف والأفضل، ولم تكن الشائعات ضدّ الشيعة من قبل علمائنا إلاّ تهم وافتراءات لصدّنا عن معرفة مذهب أهل البيت(عليهم السلام).

لماذا السجود على التربة حين الصلاة؟
يسجد الشيعة على التربة ; لأنّ الأدلّة فرضت عليهم السجود فقط على مالا يؤكل وما لا يلبس.
قال العلاّمة الأميني حول ما يجب السجود عليه: يجب اتّخاذ الأرض مسجداً، فإنّ الواجب المتسالم عليه على المصلّي لدى جميع الأمّة المسلمة أن يسجد على الأرض، ومرفوعة: "جُعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً"(1)، من المتفق عليه، أتّفق عليها أئمة المذاهب، ولا مندرحة لدى الاختيار والإمكان من السجود عليها، أو على ما ينبت منها ...
وأخذ الصحابة الأوّلين حصاة المسجد عند حرارتها في الظهائر وتبريدها بتقليبها باليد ـ كما سيوافيك حديثه ـ يومئ إلى عدم كفاية غيرها منهما يتمكّن المصلي من السجود عليها ولو بالعلاج ورفع العذر.
وكذلك حديث افتراشه(صلى الله عليه وآله وسلم) تحت يديه اللباس عند حرارة الحصاة وبرودتها، والسكوت على الافتراش على المسجد والسجود عليه يؤيّد إيجاب السجدة على التراب فحسب ليس إلاّ.
وأمّا حين عدم تيسّر السجود عليه والتمكّن منه، لحرارة قارصة أو لإيجاب عذر آخر، فلا وازع عندئذ من السجود على غيرها، إذ الضرورات تبيح المحظورات.
والأحاديث الواردة في الصلاة على الحصير والفحل(2) والخمرة وأمثالها تسوّغ جواز السجدة على ما ينبت من الأرض غير المأكول والملبوس.
والأنسب بالسجدة ـ التي إنّ هي إلاّ التصاغر والتذلّل تجاه عظمة المولى سبحانه ورجاء كبريائه ـ أن تتخذ الأرض لديها مسجداً يعفّر المصلّي بها خده ويرغم أنفه تذكّر الساجد لله طينة الوضيعة الخسيسة التي خلق منها، وإليها يعود، ومنها يعاد تارة أخرى، حتّى يتّعظ بها ويكون على ذكر من وضاعة أصله، لتأتى له خضوع روحي، وذلّ في الباطن، وانحطاط في النفس، واندفاع في الجوارح إلى العبودية، وتقاعس عن الترفع والأنانية، ويكون على بصيرة من أنّ المخلوق من التراب حقيق وخليق بالذلّ والمسكنة ليس إلاّ.
ولا توجد هذه الأسرار قط وقط في المنسوج من الصوف والديباج والحرير، وأمثاله من وسائل الدعة والراحة، ممّا يُري للإنسان عظمة في نفسه، وحرمة وكرامة ومقاماً لديه، ويكون له ترفعاً وتجبّراً واستعلاءً، وينسلخ عند ذلك من الخضوع والخشوع(3).

غاية سجود الشيعة على التربة:
نستنتج ممّا ذكرناه بأنّ الغاية التي يتوخّاها الشيعة من إعدادهم التربة للسجود عليها حين الصلاة هي اتّخاذ المصلّي لنفسه تربة طاهرة طيّبة يتيّقن بطهارتها، من أيّ أرض أخذت، ومن أيّ صقع من أرجاء العالم كانت ...
وإنّ هو إلاّ كرعاية المصلّي طهارة جسده وملبسه ومصلاّه، يتّخذ المسلم لنفسه صعيداً طيّباً يسجد عليه في حلّه وترحاله، وفي حضره وسفره، ولا سيما في السفر، إذ الثقة بطهارة كلّ أرض يحلّ بها ويتّخذها مسجداً لاتتأتى له في كلّ موضع ... أنّى له بذلك وقد يحلّ بها كلّ إنسان من الفئة المسلمة وغيرها، ومن أخلاط الناس الذين لا يبالون ولا يكترثون لأمر الدين في موضوع الطهارة والنجاسة.

فأيّ وازع من أن يستحيط المسلم في دينه، ويتّخذ معه تربة طاهرة يطمئن بها وبطهارتها، يسجد عليها لدى صلاته، حذراً من السجدة على الرجاسة والنجاسة والأوساخ التي لا يتقرّب بها إلى الله قط ، ولا تجوّز السنّة السجود عليها، ولا يقبله العقل السليم بعد ذلك التأكيد التام البالغ في طهارة أعضاء المصلّي ولباسه(4).

 

____________________________________________________

الهوامش:

(1) صحيح البخاري 1: 113، باب قول النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم) جعلت لي الأرض مسجداً.
(2) الفَحل: حصير يتخذ من سعف الفحل من النخيل. الصحاح 5: 1789 "فحل".
(3) السجود على التربة الحسينيّة عند الشيعة الإمامية، العلاّمة الشيخ عبد الحسين الاميني: 41 ـ 43.
(4) المصدر السابق