رحلة أبو زينب للملكة الأردنية والتعرف على مستبصرين جدد
بقلم: أبو زينب الجعفري
كنت في زيارة للأردن لإجراء بعض العلاجات والفحوصات لوالدي وبحكم وجود بعض الأقارب لنا يقطنون بجانب العاصمة عمان كانت إقامتنا لديهم وخاصة أننا منذ زمن لم نراهم وعندما وصلنا بعد مسيرة سفر قرابة الثلاث ساعات استقبلنا الأهل بالترحيب مضى اليوم الأول، وفي الصباح تجهزت ووالدي للذهاب للمشفى الخاص الذي نقصده، وبالفعل أبقلمخذنا سيارة الأجرة وقصدنا المشفى وبما أنه لدينا موعد مسبق لم ننتظر كثيرا ودخلنا لغرفة الطبيب المختص واستقبلنا الممرض وأعلمناه أننا من دمشق وحضرنا لأجل بعض الفحوصات
فرحب بنا وطلب منا التريث ريثما ينهي الطبيب جولته في غرف المرضى وفي هذه الفترة جرت حوارا بيننا
وهذا الممرض لقبه الموسوي هكذا أراد أن أتعرف عليه عندما جرى التعارف بيننا وعمره لا يتجاوز العقد الثالث بادرته بالسؤال :
● عفوا لا أعتقد أن هناك عائلة تدعى الموسوي هنا بالأردن أم أنتم فخذ من إحدى القبائل.
- لا ولكن تيمنا باسم إحدى الشخصيات التاريخية التي أحبها وأكن لها كل احترام ومودة.
وهنا لمعت بذهني أن هذا الرجل متشيع !!!
● لا أعلم شخصية تدعى بهذا الإسم على مر الملوك والأمراء والرؤساء !!!
- مبتسما لي هذه الشخصية نادرة الوجود !!
● عجيب الهذه الدرجة ؟!!! ربما هو بمصافي الأنبياء علما أنه لا نبي بعد نبينا الخاتم سيدنا محمد (ص).
- إبتسم قائلا نعم لا نبي بعد النبي الخاتم ولكن !! قد حضر الطبيب اعذرني !!
● هل تعمل بشكل يومي هنا ؟؟؟ وإلى أي وقت تبقى.
- يوم بيوم، أبقى حتى الثانية ظهرا ثم أذهب لمنزلي.
استقبلنا الطبيب وحرر ورقة فيها طلب لبعض الصور الشعاعية والتحاليل تجري بالمشفى وبالفعل قمت بالإجراءات
لإدخال الوالد قسم الأشعة ولكن لا أخفي عليكم أفكاري كلها تدور في أمر هذا الممرض الذي تعرفت إليه كانت الساعة لا تزال بالعاشرة صباحا وانتهى القسم الأول من التصوير الشعاعي والتحاليل على أن نستكمل في اليوم التالي، فأخذت الوالد عائدا إلى المكان الذين نقيم فيه حيث يأخذ وقتا منا قرابة الساعة للوصول بالسيارة، وعندما وصلنا اطمأننت على الوالد، واستأذنت بالخروج عائدا للمشفى ونظرت للساعة للتأكد من أني سأجده بالمشفى، وعندما وصلت كان الزحام على أشده ووصلت إلى غرفة الطبيب التي كنا بها وانتظرت قليلا إلى أن فتح الباب وإذا به هو الذي يخرج فرآني جالسا، فقال : ألا تزالون هنا !!!؟، فقلت له : لا خرجنا منذ زمن وأوصلت الوالد لمكان أقربائي وعدت لكي أراك !!، فقال انتظر لحظة سأحضر إليك، أنهى ما عليه من أمور خلال دقائق ثم حضر قائلا عموما أنا غدا لا دوام لدي هنا ولكن سأقوم بالتوصية عليك عند زميلي بالعمل لأنكم تحضرون من بلد ثانية
فقلت له : بارك الله بك، ولكن ليس من أجل ذلك حضرت إليك، إنما أردت التعرف إليك أكثر و معرفة تلك الشخصية التي أثارت أسمها مخيلتي
وفجأة يخترق صوت مؤذن الجامع القريب صمت نظراتنا المتبادلة، فبدا عليه التردد واعتذر مني قائلا سأذهب للصلاة، فقلت له جيد هل تذهب للمسجد ؟! فقال : لا... لدينا غرفة هنا جعلناها مسجدا نصلي فيه .
فقلت إذن لو تدلني عليه لأصلي فرائضي أيضا
أوصلني للمكان المعين ثم استأذن للذهاب للوضوء وسألني إن كنت أرغب بالوضوء، فقلت له لا إنني لا زلت على وضوئي، سأنتظرك لتعود ؟! فقال : لا صلي أنت وسأحضر، بدأت بذكر الآذان، ومن ثم وضعت سبحة أحملها مقابل جبهتي وأديت الصلاة بنية صلاة المسافر ركعتين فحضر هو وأراد الصلاة ووضع منديل أمام مكان سجود جبهته وأقام الصلاة وأسبل يديه ولما انتهى من الصلاة بادرته بالتحية وتوجهت بسؤاله أرى أنك لم تتكتف في صلاتك قال نعم وهل هنالك من مشكلة، قلت له لا، ثم أخرج كتيب صغير من جيبه وبدأ يقرا التعقيبات الخاصة وعندما انتهى من أداء فريضة الظهر أقام الصلاة مجددا، وعندما انتهى توجهنا للفناء الخارجي قال : ما رأيك أن ترافقني لمنزلي قلت له أين تقيم ؟ قال : في المنطقة الفلانية، قلت له جيد هي بنفس الطريق الذي أذهب به لمكان تواجد الوالد وأقربائنا، وبالفعل ركبنا الحافلة الخاصة بنقل الركاب، وبالطريق سألني أين تقيم بالشام ؟، فقلت له في العاصمة، فقال : هل أطلب منك طلب خاص ولا يكلفك شيئا، فقلت له تفضل
فقال: أن تزور مرقد السيدة زينب (ع) وتخصص لي دعاء عندها، فقلت له على الرحب والسعة ولك مني أن اخصك زيارة بالنيابة ودعاء عندها وعند سيدتي ومولاتي يتيمة الحسين (ع) السيدة رقية (ع)، فنظر إلي نظرة شعرت أنه فرح لكلامي لكن عيناه اغرورقت بالدموع لذكر السيدة، فقال : أتعرف السيدة رقية ؟!!! فقلت له ومن لايعرف يتيمة الحسين (ع) إلا من أنكر ولاية أباه وجدها أمير المؤمنين علي (ع)، فازدادت نظراته إلي، فقال أنت !!! أنت !!! وتلعثمت كلماته بين شفتيه، قلت له : نعم قلها ولا تخشى أنا أتمنى أن أكون من جملة خادمي أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع) ومواليه، ففتح ذراعيه واحتضضني، فقال كلمة عامية، طيب يازلمة قول هيك من الصبح وهو يضحك، فقلت له من أول ما رأيتك وتحدثت إليك لم أشك ولم يخب ظني من أنك من الموالين، فقال : تعال وأخذ بيدي وأخرج هاتفه النقال من جيبه
واتصل على أحد معارفه، وقال يا أبو راشد لقيت لك صيدة دسمة جدا تعال لعندي على البيت بسرعة خلال ربع ساعة، ثم أتصل بأهل بيته وأخبرهم بأن ضيف سيكون معه خلال ربع ساعة لتناول الغداء، ثم قال لي ضاحكا : حظك حلو اليوم طابخين أكلة دسمة ما بتعرفها، فقلت له لا تقول أنها منسف لحم، قال : نعم وهل تعرفها فقلت له نعم وهي المفضلة لدي دائما عندما أزور عمان، فقال : هذه الأيام لدينا مناسبة سعيدة زواج أخي وتعرف العادات عندنا سبع أيام احتفالات ودعوات وكذا،
فقلت له :
أدام الله أفراحكم، لكن قل لي لماذا لمحت في عينيك حزن عندما طلبت مني زيارة السيدة زينب (ع) ؟!!، فقال : لا نني لم أزرها في حياتي ولن أستطيع بسبب أن هناك متابعة لكل متشيع بالأردن وظروف أخرى، ودائما نتعرض للمساءلة الأمنية، ولا أخفي عليك أنه حتى من يزورني يتعرض للمساءلة والمتابعة، ولو أحسوا أن هناك غريب زارني، فعلى الفور يتم استدعائي للأمن العام وأظن تعرف الباقي، قلت له : نعم، وأعتذر منك إن كانت زيارتي ستسبب لك المشاكل، فقال : لا لا أبدا، لا تهتم أعتدت على هذا الأمر، فقلت له : منذ متى وأنت متشيع فقال منذ 2005، أبصرت نور آل محمد (ع)، ووصلنا منزله، ووجدنا صديقه أبو راشد ينتظر أمام المنزل، وألقى التحية محاولا أن يستفهم، فقال له هذا الرجل من (ريحة الحبايب) من الموالين، فرحب بي بحرارة وطلب التعرف على اسمي فأعطيته اسمي وفوجئ عند ذكر الاسم فهو مطلع عليه سابقا، من خلال دخوله للمواقع الموالية وغيرها، وبعد تناول الغداء بدأ الاخ يستعرض لي ويذكر أسماء بعض المتشيعين، وظروفهم وأعمالهم ونشاطاتهم، وأتصل بالأخ .... وجرى بيننا تعارف عبر الهاتف بشكل مبدئي على أن نلتقي في وقت لاحق لو سمحت لنا الظروف، وبعد عدة محاورات وتوضيح بعض المسائل، طلبت الإذن بالإنصراف نظرا لأني سأعود إلى بلدي بعد فترة وعلي بعض الإلتزامات يجب إنهاؤها، فألح الأخوة على بقائي يومين عندهم أتعرف فيها على وضعهم وعدد من المتشيعين لكني اعتذرت منهم بسبب أني مرتبط بوجود والدي وهو مريض وبحاجة للراحة، ووعدتهم بأني سأعاود تكرار هذه الزيارة في وقت قريب جدا، ووعدتهم ببعض من المؤلفات والإصدارات فيما لو إستطعنا إدخالها لهم، ومن ثم رافقني الأخوة إلى مكان إقامتي عند أقربائي وحصلت على بريدهم الألكتروني لنتواصل فيما بيننا وأعطيتهم رقم هاتفي، والحقيقة أنني سعدت كثيرا بهذه الزيارة وآمل أن تتاح لي الفرصة لتكرارها
والحمد لله رب العالمين
اللهم صل على فاطمة وأبيها وبعلها وبنيها والسر المستودع فيها
2021-05-01