بقلم: م. عبد الجليل الرفاعي _ اليمن 

 

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسوله الامين وآل بيته الطيبين الطاهرين المعصومين الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا ولعنة الله على اعدائهم أجمعين من الأولين والآخرين الى قيام يوم الدين
أما بعد:


سؤال كان يدور في ذهني منذ فترة طويلة, منذ أن عرفت أن المسلمين طائفتان شيعة وسنة, كان السؤال الذي يدور في ذهني هو لماذا لا يوجد في اليمن وبالذات في المناطق الوسطى من اليمن شيعة وأقصد بالمناطق الوسطى هنا بالتحديد محافظتي إب وتعز لأنني من محافظة إب, لماذا لا يوجد في هذه المناطق شيعة بالرغم من أن الامام علي عليه السلام كان في اليمن في بداية الدعوة الاسلامية ودخل الكثير من اليمنيين الإسلام على يديه, ظل السؤال يحيرني كثيرا حتى بحثت عن حقيقة التشيع وعن أتباع مدرسة أهل البيت عليهم السلام واقتنعت بالتشيع فكرا وعقيدة فتشيعت وبعد ذلك تغير تعامل الناس معي رغم أنهم كانت تربطني بهم إما وسائج القربى أو الصداقة الحميمة.
عند ذلك وجدت الجواب الشافي على السؤال الذي طالما أقض مضجعي زمنا طويلا وسأتناول في هذا البحث عدة مسائل للإجابة على هذا السؤال:


1- المفهوم السائد لدى أبناء العامة في المناطق الوسطى من اليمن عن التشيع.
2- إنتشار الجهل بين الناس في امور دينهم.
3- بُعد الناس في هذه المناطق عن علم العقائد والإختلافات الفقهية والمذهبية.
4- تحريم الإجتهاد والإبتعاد عن البحث في تاريخ المسلمين بتجرد وحيادية.
5- دور علماء أبناء العامة في إخفاء الحقائق التي تدفع الناس نحو التشيع وتحثهم على التمسك بالثقلين.
6- إنتشار الصوفية في هذه المناطق واقتصار اهتمامهم على الجانب الروحي.
7- اكتساح الغزو الوهابي والفكر الإخواني لهذه المناطق.
8- تعامل الناس المتسمين بأهل السنة مع من يخالفهم في الفكر والمعتقد وبالذات مع المستبصرين الشيعة.
والآن سأتناول هذه المسائل مسألة مسألة بنوع من التفصيل:

 

المبحث الأول: الفمهوم السائد لدى أبناء العامة في المناطق الوسطى من اليمن عن التشيع:


من أن بدأت أعي ماحولي من أحداث في قريتي وهي قرية تدين على المذهب الشافعي وأهلها أناس طيبون ولكن الوهابيون الذين قدموا من السعودية استغلوا طيبة هؤلاء الناس وقاموا بنشر ماعندهم من أفكار ظاهرها الرحمة وباطنها العذاب واستقطبوا الأطفال الصغار من خلال الدروس التي كانت تقام في المساجد واللقاءات التي تتم في المنازل والتي تبدو لأول وهلة أنها تعمل على غرس قيم الإسلام وتعاليمه السامية في نفوس هؤلاء الصغار والعودة بالناس الى منابع الإسلام الصحيحة وهي في الحقيقة لا تزيد المسلم إلا بعداً عن قيم الإسلام العظيمة, لقد بدأ هؤلاء الناس يتكلمون عن التوحيد ومحاربة الشرك بكل صورة ومنع زيارة القبور بغرض التوسل بالأولياء والصالحين بإعتبار أن هذا شرك يخرج صاحبه من الملة وتجب محاربته بكل الوسائل إنطلاقاً من مبدأ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وه في الحقيقة لا يقرون معروفاً ولا ينهون منكرا, وغرست بالفعل هذه المفاهيم وغيرها من مفاهيم الدعوة الوهابية في عقول الأطفال والشبات الذين كنت أحدهم وكان لي النصيب الأوفر لأنني كنت من أكثر شباب القرية التزاماً وذكاء فكانت تحصل بعد اعتناقي هذا الفكر مشاجرات بيني وبين أفراد أسرتي حول زيارة القبور والتوسل بالأولياء والصالحين باعتباره شركاً بل وكنت أشفق عليهم من الوقوع في مثل هذا الشرك, ومما وطد علاقتي بالوهابيين ومن يسمون أنفسهم بجماعة الإخوان المسلمين التي كانت تمثل في نظري الفرقة الناجية هو إنضواء هؤلاء الناس تحت حزب التجمع اليمني للإصلاح الذي سارعت للإنضمام إليه رغم صغر سني فلقد كنت دون الخامسة عشرة سنة ولم أكن لأعرف ما برنامج هذا الحزب ولا لوائحه الداخيلة وأنّى لي ذلك وأنا في هذا سن كهذا وبدأت ألتزم باللقاءات الحزبية التي كانت تبدو لي لأول وهلة لقاءات واجتماعات دينية توعوية صرفة ولكنها سرعان ما تحولت الى اجتماعات سياسية أكثر منها عقائدية وكانت توزع بين الحين والآخر كتيبات نقوم بتحضير بعض الدروس للإستفادة منها بعضاً لا نستطيع أن ندرك محتواها فعقولنا آنذاك دون ذلك وخصوصاً أنها كانت كتيبات فكرية لسيد قطب وفتحي يكن والراشد والصواف وغيرهم, وبعدما لاحظوا علينا بداية نضوج في أفكارنا وتساؤلات تولّدت لدينا وزّعوا علينا كتيباً يتحدث عن محاولة التقريب بين السنة والشيعة تكلم فيه المؤلف كمعظم المتسمين بأهل السنة عن بعض الإفتراءات التي يطلقونها ضد الشيعة الإمامية وصوّرهم لنا بأنهم فرقة مارقة خارجة عن الدين لا يمكن التقريب بينها وبين السنة بأي حالٍ مطلقاً بل أنه حذر من مجرد التفكير في مناقشة الشيعة لأنهم قد ضلوا وأضلوا كثيراً بحسب زعم المؤلف وبهذا يكون المؤلف قد قطع الطريق أمام من يحاول أن يبحث بتجرد وعقلانية عن عقائد وأفكار الشيعة مطلقاً والشيعة الإمامية على وجه الخصوص.
كان الوهابيون يروجون فكرة وجود شخصية ابن سبأ اليهودي الذيي فرّق الأمة وأسّس الشيعة كما يزعمون ونسب للإمام علي عليه السلام الألوهية ثم النبوة ثم الوصية, هكذا كان الوهابيون يروجون للإفتراءات التي يطلقونها ضد الشيعة بدءاً بأسطورة ابن سبأ ومروراً بتأليه الشيعة لأئمة أهل البيت عليهم السلام حسب زعم الوهابيين وانتهاءً بحادثة السرداب وأنّ الشيعة يعتقدون أنّ الإمام الغائب دخل سرداب سامراء قبل أكثر من ألف سنة ولم يخرج إلى الآن وهم لا يفارقون باب السرداب ليل نهار منتظرين إمامهم الغائب. وبهذه الشبهات عمل الوهابيون في الأوساط السنية على إبعاد الناس عن الإسلام الأصيل المتمثل بالتشيع بل وبغض كل من يتشيع لأهل البيت عليهم السلام باعتباره ضالاً عن الجادة منحرفاً عن الصواب سالكاً سبيل الشيطان كما يزعم الوهابيون ولهذا أصبحت نظرة أبناء العامة للشيعة نظرة كراهية وازدراء باعتبارهم فرقة خارجة عن الدين تنسب الخطأ في تسليم الرسالة السماوية لجبريل الأمين عليه السلام حينما سلّمها للرسول الأعظم محمد بن عبد الله صلوات الله وسلامه عليه وآله أجمعين ولم يسلمها للإمام علي بن أبي طالب عليه السلام الذي هو أولى بالرسالة بحسب ما يروجه الوهابيون عن عقائد الشيعة في نبوة علي عليه السلام إفتراءً على الشيعة, وقول الشيعة بتحريف القرآن الكريم وأن الشيعة يبغضون السنة ويتقربون الى الله بقتلهم إلى غير ذلك من الشبهات ولهذا تولد عن هذه الإفتراءات بغض الشيعة في نفوس المتسمين بأهل السنة ووجوب الإبتعاد عنهم وعن قراءة كتبهم إن توفرت لدى بعض الباحثين ولم يكن الحصول عليها سهلاً قبل توفر نعمة الإنترنت التي عرفتنا بحقيقة الشيعة الإمامية.
هذه نبذة مختصرة عن نظرة أبناء العامة والوهابيين في مناطق اليمن الوسطى للشيعة الإمامية الإثني عشرية.

 

المبحث الثاني: إنتشار الجهل بين الناس في امور دينهم:


الناس أعداء ما جهلوا وكما قال الإمام علي عليه السلام جادلت جاهلا فغلبني, وما أكثر إنتشار الجهل بين عوام الناس المتسمين بأهل السنة والجماعة في أمور دينهم في مناطق اليمن الوسطى, إن نسبة الأمية كبيرة جداً ونسبة الأمية في فهم الإسلام الصحيح أكثر بكثير لأنها تضم بالإضافة إلى مجموع الأميين مجموعة من أصناف المثقفين أو المتعلمين والذين هم في الحقيقة لا يعرفون إلا القليل عن أمور دينهم وعن حيثيات مذهبهم فتراهم لا يستندون للدليل إطلاقاً في أي مسألة فقهية أو شعيرة من الشعائر أو عبادة من العبادات هم لا يتلقون العلم من أساتذته ولا يبحثون في حقيقة ما يعتقدونه ولا عن صحة ما يقولونه يرسلونه للناس إرسال المسلمات أكبر أستاذ لهم هو شريط كاسيت يحصلون عليه من المكتبات الدينية حجتهم في كل ما يقولونه أو يقومون به أو يعتقدونه "إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مقتدون" إذا ما ناقشت أحدهم تجده يرد عليك بقوله هذا ما وجدت عليه أبي وجدي فهل من المعقول أن أبي وجدي كانا على ضلالة وهذا في نظره مستحيل بالطبع, وتراه يسألك للتو هل أنت الذي ستعرفني ديني الصحيح والمذهب السليم الذي ينبغي أن أتبعه؟ إن هذا لهو الهراء, ولهذا السبب تجدهم يعادون وينفرون من كل فكرٍ لم يألفوه وفقه لم يعرفوه وعقيدة لم يجدوا آباءهم قد اعتنقوها وهكذا يكون من الصعب عندهم تقبل فكر الشيعة الإمامة ومسألة الإمامة بعد رسول الله صلى الله عليه وآله, ومسألة الإمام المنتطرعجل الله فرجه وعلى هذا فهم لم ولن ينفتحوا على فكر غيرهم مادام الجهل يخيم عليهم ولو بدؤوا بالعمل على إزالة هذا الجهل لعرفوا حقيقة ما هم عليه ناصعة كالبياض ولوجدوا الحق عند غيرهم فهرعوا إليه كالجواد المنتشر .

 

المبحث الثالث: بُعد الناس في هذه المناطق عن علم العقائد والإختلافات الفقهية والمذهبية:


إن الناس في اليمن عمومأ وفي المناطق الوسطى على وجه الخصوص لايهتمون بمعرفة عقائد وأفكار غيرهم من الفرق والمذاب الإسلامية بل لاأبالغ إن قلت أن جلهم لايعرفون حتى فقه الشافعي الذي يتمذهبون بمذهبه فهم باختصار يؤدون طقوساً دينية معينة ورثوها عن آبانهم وقد يخالفون مذهبهم في بعض الأحكام من حيث لايشعرون فعلى سبيل المثال لا الحصر هم يقولون في أذان الفجر الصلاة خير من النوم رغم أن الشافعي يقول في كتابه الأم لاتثويب في أذان الفجر أي لا يقال الصلاة خير من النوم على مذب الشافعي لأنه يرى أن هذه الزيادة لم تكن على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله، وعلى هذا فإن أبناء العامة في المناطق الوسطى لا يعرفون شيناً عن عقائد وفقهيات الشيعة اللهم إلا بعض الشبهات التي روج لها ويروج لها حتى الوقت الحاضر من قبل خصوم الشيعة ولهذا السبب يصعب على ساكني هذه المناطق البحث بعقلانية عن مذهب أهل البيت عليهم السلام وأتباع هذا المذهب بل ويصعب عليهم مجرد التفكير بصحة ماذهب إليه الشيعة في فقههم ومعتقداتهم، فمن الصعوبة بمكان أن تجد ولو كتاباً واحداً لأعلام الشيعة ومفكريهم في كل أرجاء اليمن بسبب محاربة الحكام والمتسلطين على المنابر لفكر وعقيدة الشيعة، ولولا أن من الله علينا بنعمة الإنترنت لما استطاع أي باحث يمني أن يعرف حقيقة وعظمة الفكر الشيعي المتصل بآل البيت الأطهار عليهم أفضل الصلاة والسلام ولوتجرد الناس عن الموروث وبحثوا بإنصاف عن مايعتقده الشيعة وما هي أدلتهم في كل ما ذهبوا إليه لوجدت جل أبناء اليمن قد صاروا شيعة لآل البيت عليهم السلام ولكن الجهل والتخلف حصر أبناء اليمن في بوتقة مغلقة يصعب عليهم الخروج منها والتعرف على الآخرين والبحث عن الحقيقة بغرض الوصول إليها.

 

المبحث الرابع: تحريم الإجتهاد والإبتعاد عن البحث في تاريخ المسلمين بتجرد وحيادية:


‏لعل هذا يكون من أكبر الأسباب التي أدت إلى إعاقة انتشار التشيع في اليمن إذ أن الناس قد نشأوا وتربوا في ظل مذهب معين ومعتقد يحتم عليهم التقليد الأعمى وعدم طرق باب الإجتهاد إطلاقاً فهم يعتقدون أن على المسلم اليمني أن يتمذهب بمذهب الشافعي وإن خالف هذا المذهب فإنه يخالف الإسلام ويبتعد عن رضا الرحمن ويقترب من سبل الشيطان فأيما واحد فكر أن يتمذهب بمذهب آخر ولاسيما مذب أهل البيت عليهم السلام فإنه يصبح في نظرهم مبتدعأ ضالاً يجب محاربته والحد من خطره على المجتمع, ولهذا فهم يرجعون إلى أقوال الشافعي حتى في المسائل المعاصرة التي لم تكن على عهد الشافعي وهم يعملون بالقياس إذا لم يجدوا جواباً عند علماء مذهبهم لما أشكل عليهم، ولذا فهم يحرمون على المسلم أن يجتهد في استنباط الأحكام ويبحث عن الدليل بنفسه ليصل إلى الحقيقة التي ينشدها كل عاقل منصف خاصةً إذا كانت هذه الحقيقة ستتصادم مع مذهبهم.
صحيح أنهم يقولون أن المذاهب هم أربعة فقط (الحنفي والمالكي والشافعي والحنبلي) ولكنهم يصرحون بأن أفضلها على الإطلاق هو مذهب الشافعي والذي يجب أن يتمذهبوا به, فمن الصعوبة بمكان أن تأتي إليهم بمذهب خامس لا يعرفون عنه شيئاً، هم في مناطق اليمن الوسطى لايعترفون حتى بالمذهب الزيدي كمذب إسلامي وإن كانوا في الآونة الأخيرة قد بدأوا يتعاملون معه بنوع من التسامح تبعاً لفتاوى علمائهم لحاجة في نفس يعقوب, ‏لكنم لا‏يعترفون به كمذهب إلى جانب المذاهب الأربعة وكأن هذه المذاهب جاءت بأمر الله أو نزل بها القر آن أو حثت عليها السنة الصحيحة فما بالهم لو سمعوا بمذهب أهل البيت عليهم السلام أوما يسمى بالمذهب الجعفري الذي يقول عنه عالمهم ابن خلدون في مقدمته "وشذ أهل البيت بمذاهب ابتدعوها وفقه انفردوا به وبنوه على مذهبهم في تناول بعض الصحابة بالقدح, ‏وعلى قولهم بعصمة الأئمة, ‏ورفع الخلاف عن ‏أقوالهم, ‏وهي كلها أصول واهية". مقدمة ابن خلدون ج:1 ص:446 ‏الفصل السابع في علم الفقه وما يتبعه من فرائض.
"أيقول ابن خلدون ان أهل البيت شذاذ ضلال مبتدعون, ‏وهم الذي أذهب الله عنهم الرجس بنص التنزيل وهبط بتطهيرهم جبرائيل وباهل بهم النبي صلى الله عليه وآله وسلم بأمر ربه الجليل، وقد فرض القرآن مودتهم وأوجب الرحمن ولايتهم وهم سفينة النجاة إذا طفت لجج النفاق، وأمان الأمة إذا عصفت عواصف الشتات, ‏وباب حطة يأمن من دخلها، والعروة الوثقى لا انفصام لها، وأحد الثقلين لا يضل من تمسك بهما, ‏ولا يهتدي إلى الله من ضل عن أحدهما وقد أمرنا صلى الله عليه وآله وسلم بأن نجعلهم منا مكان الرأس من الجسد، بل مكان العينين من الرأس، ونهانا عن التقدم عليهم والتقصير عنهم، ونص على أنهم القوامون على الدين، النافون عنه في كل خلف من هذه الأمة تحريف الضالين، وقد أعلن صلى الله عليه وآله وسلم بأن معرفتهم براءة من النار وحبهم جواز على الصراط، والولاية لهم أمان من العذاب وأن الأعمال الصالحة لا تنفع عامليها إلا بمعرفة حقهم ولا تزول يوم القيامة قدما أحد من هذه الأمة حتى يسأل عن حبهم ولو أن رجلاً أفنى عمره قانعا وقاعدا وراكعا وساجدا بين الركن والمقام مات غير موال لهم دخل النار فهل يحسن من الأمة المسلمة بعد هذا أن تجري إلا على أسلوبهم، وهل يتسنى لمسلم يؤمن بالله ورسوله أن يستن بغير سنتهم، فكيف يعدّهم ابن خلدون في أهل البدع بكل صراحة ووقاحة من غير خجل ولا وجل." عقانا الشيعة الإمامية لم شرف الدين ‏الموسوي.
‏لو سمعوا بهذا المذهب وأنه قد بدأ ينتشر في مناطقهم بالحجة الواضحة والدليل القاطع وأنه يدعو إلى جعل باب الإجتهاد مفتوحاً وعدم جواز ثقليد الميت أياً كان لجن بنونهم وثارت ثائرتهم خصوصاً أن هذا المذهب سيبطل كثيرأ من معتقداتهم الزائفة التي أضفوا عليها هالة من القداسة ما أنزل الله بها من سلطان كالقول بأفضلية الثلاثة الذين تقدموا على الإمام أمير المؤمنين عليه السلام بالخلافة والقول بالشورى في اختيار خليفة المسلمين بعد رسول الله صلى الله عليه وآله والقول بعدالة كل الصحابة مؤمنيهم ومنافقيهم صالحيهم وطالحيهم والقول بوجوب الأخذ بظواهر النصوص القرآنية في قضية الأسماء والصفات دونما تأويل يتناسب مع قوله تعالى (( ليسر كمثله شيء وهو السميع البصير )) ( الشورى:11) والقول بأن صحيح البخاري ومسلم أصح الكتب بعد كتاب الله تعالى وغيرها من معتقداتهم الباطلة التي لا تستقيم معها أي حجة لديهم، ولهذا فهم يحاولون جهدهم أن يبقى باب الإجتهاد موصداً في نفوس الباحثين عن الحقيقة ويحرمون البحث في تأريخ المسلمين بعد استشهاد رسول الله صلى الله عليه وآله ‏وما وقع بين الصحابة من شتم وسب وقتال, والإبقاء على نظريتهم في عدالة جميع الصحابة وعدم الخوض في ما حصل بينهم فلا يسمحون بتدريس واقعة الجمل وما حصل فيها من جرائم شنيعة ضد الإنسانية من قبل كل من عائشة وطلحة والزبير ومن معهم ضد إمام زمانهم الشرعي، ولا يدرسون واقعة صفين إلا بشكل موجز لا تكاد تعرف منه إلا الثناء على دهاء عمرو بن العاص لعنه الاه في خدعة التحكيم.
أما مجزرة كربلاء الشنيعة فليس لها ذكر عندهم على الإطلاق حفاظاً على كرامة من تورط فيها من الصحابة وأبناء الصحابة وكرامة أميرهم يزيد بن معاوية لعنة الله عليهما"،ولا مجال عندهم لمعرفة الأئمة الإثني عشر الأطهار أهل بيت النبي عليه وعليهم أفضل الصلاة والسلام إلا ثلاثة منهم أو أربعة ، كل هذا حرصاً منهم على عدم تفكير الناس المتسمين بأهل السنة بالتعاطف مع مظلومية أهل بيت النبوة خوفاً من أن يدخل التشيع في قلوب هولاء الناس ‏فيلتحقون بركب الثقلين الذين أوصى بهما رسول الله صلى الله عليه وآله ولذا تجدهم يثنون على كل حكام بني أمية وبني العباس وبني عثمان وينقلون للناس صورة مزخرفة عن أولئك الحكام بأنهم كانوا حكام عدل وإنصاف ملتزمين بنهج الرسول في حياتهم وحكمهم وتعاملهم مع رعيتهم متجاهلين بذلك ماورد عنهم عند المؤرخين المنصفين الثقات الذي يمكن للباحث أن يعرفه بمجرد لمسة زر على الإنترنت وعند ذلك سيرجع حاملاً لأولئك المدلسين لعنة التاريخ لأنهم قد ‏كذبوا عليه وخدعوه فترة من عمره.

 

المبحث الخامس: دور علماء أبناء العامة في إخفاء الحقائق التي تدفع الناس نحو التشيع وتحثهم على التمسك بالثقلين:


وهذا الدور ‏بالفعل يشكل عائقاً كبيراً في طريق انتشار ‏التشيع في مناطق اليمن الوسطى، فلقد عمد علماء أبناء العامة إلى إخفاء الحقائق عن العوام و التي قد ‏تقود الناس للتشيع، فعدم ذكر الحقائق التي وردت في الصحاح أو في السنن أو المسانيد والتي تحث الناس على التمسك بأهل البيت باعتبارهم العدل الثاني للقران الكريم تبعد الناس عن التشيع وهذا هو الهدف لدى علماء الجمهور غير المنصفين والمنصفون منهم قلة، وبترديدهم لحديث كتاب الله وسنتي، في، كل منابرهم بدلاً من حديث كتاب الله وعترتي يوهم العوام بأن هذا الحديث هو الصحيح وهم يتجاهلون بذلك قواعدهم في علم الرجال والجرح والتعديل كل هذا ليبعدوا الناس عن الإسلام الأصيل الذي بذل في سبيله أهل البيت أرواحهم وأموالهم وذراريهم، ولقد ضللت زمنأ طويلاً وأنا لا أعرف إلا حديث كتاب الله وسنتي وكنت بالفعل أظنه الحديث الصحيح من حيث السند والمتن والذي لا غبار عليه حتى فاجأتني الحقيقة كما فاجأت غيري من المستبصرين بأن هذا الحديث غير صحيح السند وأن الحديث الصحيح والمتواتر هو حديث كتاب الله وعترتي.
‏كما عمد هؤلاء العلماء وللأسف الشديد إلى إخفاء حادثة الغدير الشهيرة وماحصل فيها من بيعة لأمير المؤمنين سلام الله عليه وبخبخة من قبل الشيخين, وليس هذا فحسب بل أنهم يحاولون أن يشوهوا عيد الغدير في نفوس أبناء العامة من خلال الإشاعة بأن الشيعة يجتمعون في هذه الليلة ويرتكبون المحرمات مع النساء اللواتي يجتمعن معهم بعدما يطفئون الأنوار ويأخذ كل واحد منهم المرأة التي يلقاها في طريقه وهم بذلك يفترون على الشيعة إثماً مبيناً ويحسبونه هيناً وهو عند الله عظيم، كل هذا ليظهروا للناس أن الشيعة من غير أخلاق ولا قيم ولا دين حتى يصرفوا أنظار الناس بالتفكير في التشيع في ذكرى عيد الله الأكبر يوم إكمال الدين وإتمام النعمة بنبوة محمد وولاية علي صلوات الله وسلامه عليهما وآلهما, اليوم الذي نصب فيه النبي صلى الله عليه وآله علياً خليفة له أمام الملأ فقال (( من كنت مولاه فعلي مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه وانصر من نصره واخذل من خذله وأدر الحق معه حيثما دار )).
‏كما عمد هؤلاء العلماء إلى إخفاء حديث السفينة عن العوام "عن أبي سعيد الخدري (قال): سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول:0 ‏إنما مثل أهل بيتي فيكم كمثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلف عنها غرق وإنما أهل بيتي فيكم مثل باب حطة في بني إسرائيل من دخله ‏غفر له"، وحديث "من سره أن يحيا حياتي ويموت مماتي ويسكن جنة عدن غرسها ربي فليوال علياً من بعدي وليوال وليه، وليقتد بالأئمة من بعدي فإنهم عترتي خلقوا من طينتي و رزقوا فهمي وعلمي، فويل للمكذبين بفضلهم من أمتي للقاطعين فيهم صلتي لا أنالهم اله شفاعتي", وحديث "يا فاطمة، إن الله عز وجل يغضب لغضبك, ‏ويرضى لرضاك"، وحديث "النجوم أمان لأهل المساء، إذا ذهبت النجوم ذهب أهل السماء وأهل بيتي أمان لأهل الأرض, ‏فإذا ذهب أهل بيتي ذهب أهل الأرض" بل أنهم يستبدلونه بحديث "أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم" والذي لايصح عن رسول الله صلى الله عليه وآله, ويخفون على العوام حديث "علي وشيعته هم الفائزون يوم القيامة"، ويخفون رزية الخميس التي بكى عليها ابن عباس "أخرج البخاري في صحيحه عن ابن عباس قال: يوم ‏الخميس وما يوم الخميس، اشتد برسول الله صلى الله عليه وسلم وجعه فقال: ائتوني أكتب لكم كتاباً لن تضلوا بعده أبداً فتنازعوا ولا ينبغبي عند نبي تنازع فقالوا ماشأنه أهجر استفهموه فذهبوا يردون عليه فقال دعوني فالذي أنا فيه خير مما تدعونى إليه وأوصاهم بثلاث قال: ‏أخرجوا المشركين من جزيرة العرب، وأجيزوا الوفد بنحو ما كنت أجيزهم وسكت عن الثالثة أو قال فنسيتها" وغيرها من الأحاديث الصحيحة السند في كتبهم والحوادث التي حصلت بعد استشهاد رسول الله صلى الله عليه وآله كانقلاب السقيفة المشؤم وامتناع الإمام أمير المؤمنين عن البيعة لأبي بكر أكثر من ستة أشهر واستشهاد السيدة الزهراء سلام الله عليها واجدة على الشيخين إلى غير ذلك من الحوادث التي يندى لها الجبين, كل ذلك خوفاً من تفكير أبناء العوام بالدخول في التشيع واللحاق بركب الثقلين و الله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.

 

المبحث السادس: إنتشار الصوفية في هذه المناطق واقتصار اهتمامهم على الجانب الروحي:


لعل انتشار التصوف والإقتصار على جوانب إحياء المولد النبوي الشريف في مناسبات ميلاد النبي صلى الله عليه وآله وذكرى الإسراء والمعراج وذكرى الشعبانية وجل ليالي رمضان جعل الناس يقبلون على التصوف ويكثرون من إحياء حلقات الذكر والقصائد النبوية خاصة أن الحكام قد عمدوا على مر السنين إلى تشجيع هذا الإتجاه لأن المتصوفين لا يدخلون في معمعة السياسة والصراع مع الحكام , ‏وكان لهذا الإتجاه الصوفي الأثر البالغ في حصر الناس في بوتقة التصوف وبهذا لا مجال لفكر آخر أن يعشعش في قلوب الناس وأنى للتشيع أن يطرق أذهانهم حتى ولو كانوا يحبون أهل البيت عليهم السلام, ‏لأنهم في الحقيقة يعصمون هذا المفهوم (مفهوم أهل البيت) على كل من هب ودب فهم يطلقونه على نساء النبي وكل ذي نسب هاشمي عامة وعلوي خاصةً فهم يحبون عائشة ويقولون نحن نحب أهل البيت بحبنا لعائشة وقد أمرنا أن نأخذ نصف ديننا منها مستندين لحديث يرووه "خذوا نصف دينكم من هذه الحميراء" ولا يعرفون ما فعلت الحميراء بأهل البيت الطاهرين بدءأ بالإمام علي في موقعة الجمل ومروراً برشق جنازة الإمام الحسن بالسهام ومنعه من أن يدفن إلى جنب جده المصطفى صلى الله عليه وآله حتى قال القائل فيها :

‏تبغلت تجملت ولو عشت تفيلت ***** ‏لك التسع من الثمن وبالكل تملكت

 

‏أنى لهؤلاء الناس أن يتشيعوا لأهل البيت عليهم السلام وهم يجدون أن من يتزعم التصوف في مناطقهم يدعي أنه من أهل البيت ويؤمن بأفضلية أبي بكر وعمر وعثمان على أمير المؤمنين عليه السلام ويجدونهم يترضون على معاوية بن أبي سفيان وغيره من حكام وملوك بني أمية رغم مافعلوه بالإسلام والمسلمين، فكيف سيقبلون مجرد الإستماع لأصحاب فكر يناقض ما يعتقدونه في بعض صحابة الرسول صلى الله عليه وآله ويخالفهم في كيفية ممارسة بعض العبادات والشعانر الدينية ويخالفونهم في نظرتهم لجانب التوحيد طبقاً لما ورد على ألسنة أهل البيت عليهم السلام, ولهذا فإن انتشار التصوف يمثل عائقاً من العوائق الكبيرة التي حالت دون انتشار التشيع في مناطق اليمن الوسطى.

 

المبحث السابع: اكتساح الغزو الوهابي والفكر الإخواني لهذه المناطق:


‏ ‏لعلي لا أبالغ إن قلت أن الناس وإن لم يكن قد انتشر التشيع فى أوساطهم في هذه المناطق إلا أنهم لم يكونوا يحملون أي حقد على شيعة أهل البيت عليهم السلام ولا يحاولون أن يشرهوا صورتهم بين الناس حتى جاء الغزو الوهابي من بلاد قرن الشيطان وبدأ ينشر سمومه بين شباب هذه المناطق وجاء من يحمل فكر الإخوان المسلمين ليزيد الطين بلة وخصوصاً أن الناس بفطرتهم يحبون الإسلام ويميلون إلى من يرفع شعار الدعوة إلى الله ء فإذا بالوهابيين والإخوان يطرقون هذا الوتر الحساس فيؤثرون على كثير من الناس بإسم الدين ومحاربة الشرك وهدم قبور الأولياء والصالحين وإحياء المساجد بالدروس والندوات والسعي لمحاربة أهل البدع والضلالات والإهتمام بتحفيظ القرآن الكريم للاطفال الصغار وذلك لمحاولة زرع أفكار دخيلة على الإسلام في عقول هؤلاء الصبيان في سن مبكرة لتنمو شيئاً فشيئاً وتؤتي أكلها بعد حين, وما الفكر الإرهابي إلا ثمرة من ثمار الفقر الوهابي والإخواني في عقول صغار السن الذين لا حول لهم ولا قوة, ناهيك عما يحصل من مشاكل تسيء العلاقة بين هؤلاء الصبيان وأسرهم بسبب اتهام هؤلاء الصبيان لأسرهم بالخروج عن تعاليم الإسلام والوقوع في الشرك من خلال التوسل بالأولياء والصالحين، ومما ساهم على ترويج هذا الفكر بين أبناء هذه المجتمعات تفشي الجهل وحسن النوايا عند عوام الناس بالآخرين حتى أصبحوا لايعرفون أعداءهم من أصدقائهم, ومن خلال استدلال الوهابيين والإخوان لشعار الدين والتدين استطاعوا أن يجروا الكثير من الناس إلى صفوفهم. ولأن الوهابيين التجسيميين (أي الذين يؤمنون بأن الله جسم كما صرح بذلك علماؤهم ابن باز وابن عثيمين ويؤمنون بأن الله له يد حقيقية ورجل حقيقية وعينين إلى غير ذلك من الصفات التي تشابة المخلوقين وأن الله قد خلق آدم على صورته وأنه يضع قدمه في جهنم فتقول قط قط) لا يصمدون أمام الحجة الساطعة والبرهان الناصع والدليل المقنع فهم يخافون من التشيع الذي يثبت نفسه من كتب مخالفيه وصحاحهم قبل كتبه وحتى يحسموا هذا الأمر فإنهم عمدوا منذ بداية استقطابهم للشباب الى تحذيرهم من الشيعة الذين هم ‏يطلقون عليه لقب الرافضة وزرعوا في عقول هؤلاء الشباب أن الشيعة (الرافضة) فرقة منحرفة ضالة ‏خطرها على الإسلام أشد من خطر اليهود والنصارى ودائماً يرددون هذا المصطلح ويقولون أن الشيعة لم ‏يدخلوا في الإسلام إلا من باب التقية وأنهم يقرون بنبوة علي عليه السلام بدلا من محمد صلوات الله ‏وسلامه عليه وآله -وحاشاهم من هذا الإفتراء- وأنهم يسبون الصحابة ‏ويومنون بالخرافات لاعتقادهم بغيبة الإمام المهدي المنتظر عجل الله فرجه, ويضربون أنفسم بالسلاسل يوم عاشوراى ويبكون على الحسين, إلى غير ذلك من الشبهات التي يروجونها عن الشيعة، وبحثون هؤلاء الشباب على عدم الإستماع للشيعة مطلقا لأن الشيعة لديهم أسلوباً مقنع يسحرون به عقول الآخرين بالرغم من أنهم على باطل حسب زعم الوهابيين وذلك حتى يقطع الوهابيون الطريق على كل من يحاول البحث في عقائد الشيعة ويستمع لعلمائهم ومفكريهم، مما أدى إلى تنفير الناس من الشيعة والخوض في علمانهم وسبهم وتكفيرهم دونما حجة أو دليل ولهذا أصبح من الصعوبة في هذه المناطق مجرد طرح نظرية التشيع بشكلها الصحيح لا المشوه أو قراءة كتاب من كتب الشيعة في الإنترنت فضلاً عن التفكير باعتناق الفكر الشيعيى في مجتمع كل أهله أو جلهم يحملون الفكر الوهابي ويظنون بانه الفكر الصحيح الذي لا يستقيم الإسلام إلا به وذلك لما يترتب على من يطرح نظرية التشيع وما سيلحقه من أضرار وكأنه قد كفر بطرحه لنظرية التشيع والعياذ بالله.

 

المبحث الثامن: تعامل الناس المتسمين بأهل السنة مع من يخالفهم في الفكر والمعتقد وبالذات مع المستبصرين الشيعة:


ولعل هذا مربط الفرس في إعاقة انتشار التشيع في مناطق اليمن الوسطى إذ أنه ليس من السهولة ‏بمكان أن تتحول من مذهب اعتاد عليه الناس أباً عن جد إلى مذهب آخر غريب على أبناء المنطقة لم ‏يعرفوا عن شيئاً ولا يريدون أن يعرفوا عنه شيئاً وخصوصاً أن معظم الخطباء والوعاظ في هذه المناطق دائماً يرددون لفظ أهل السنة والجماعة في خطب الجمعة ويقصدون به أنفسهم وكأن غيرهم هم أهل ‏البدعة والفرقة ويقولون بأن أهل السنة والجماعة هم الفرقة الناجية وما سواها هالك لامحالة وفي ضلال ‏مبين ودائماً ‏يرددون وهم يهرفون بما لا يعرفون أن الرسول الخاتم صلى الله عليه وآله ترك لنا من بعده ‏الكتاب والسنة ولا يذكرون العترة الطاهرة إطلاقاً مخالفين قواعدهم في علم الرجال والجرح والتعديل وبعد ‏كل هذا يقولون للناس نحن أهل السنة بكل تبجح ووقاحة لأنهم يعلمون في قرارة أنفسهم أنهم ‏يخالفون السنة المطهرة في كثير من الأمور الضرورية والأحكام بل بلغت بهم الجرأة أنهم يخالفون ‏نصوص القرآن الكريم الصريحة في كثير من عباداتهم ومعتقداتهم كغسل القدمين وتحريم زواج المتعة ‏وإصرارهم على نظرية عدالة الصحابة والأخذ بظواهر النصوص في قضية الأسماء والصفات ومع كل ‏هذا يدعون لأنفسهم ما ليس فيهم وينسبون الإبن لغير أبيه ويرفضون فكر غيرهم رفضاً باتاً إذ يجعلون ‏أصابعهم في آذانهم ويصمونها عن سماع آراء وحجج غيرهم ويحملون البغض والكراهية لكل من خالف ‏معتقداتهم حتى ولو كان ما ذهب إليه هو الحق بل إنهم يحاربونه بشتى الطرق والأساليب وينفرون الناس ‏منه ما استطاعوا إلى ذلك سبيلا خصوصاً لو كان هذا الشخص من المحبوبين بين الناس وتحول من ‏التسنن إلى التشيع وهذا الأمر عانيت منه كثيرا ولمسته على أرض الواقع وذلك بعد رحلتي من الوهابية ‏إلى الإثنى عشرية وبعد استبصاري والتحاقي بركب الثقلين حالي في ذلك حال غيري من المستبصرين ‏اليمنيين, فلقد شنوا علي حرباً شعراء لتشويه صورتي بين الناس في المجتمع الذي عشت فيه ولم ‏يكتفوا بذلك، بل ذهب أحدهم إلى سكني الجديد ليحذر الناس مني باعتباري ضال مضل وصاحب فكر منحرف كل ذك لأنني تركت مذهبي السابق والتحقت بسفينة أهل البيت عليهم السلام فإنا بزعمهم  قد ضللت الطريق وحاشا لله أن يضل من يتبع أمر الله وأمر رسولة صلى الله عليه وآله وهو الصادق المصدق القائل قي حديث الثقلين "إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي ما إن ‏تمسكتم بهما ‏لن تضلوا بعدي أبداً", فكيف يضل من تسك بالثقلين وعنده ضمانة من سيد الخلق وحبيب الحق محمد صلى الله عليه وآله اللهم إلا أن يكون فولاء الوهابيون -حاشا لله- أصدق من رسول الله صلى الله عليه وآله ولكنها عقول أضلها باريها، وهم لازالوا يواصلون حربهم علي وعلى كل من تشيع بكل شراسرة, لقد تغير تعاملهم معي بعد تشيعي فبعدما كنا نتبادل التقدير والإحترام صاروا يكنون لي البغض والعداء ولا يألون جهدأ في محاربتي بشتى الطرق والوسانل حتى أنهم لو يتمكنون من قطع زقي وقوت أولادي لفعلوا، ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين، وأفوض أمري إلى الله إن انه بصير بالعباد, وحسبنا الله ونعم الوكيل. وصدق الله القائل (( يريدون ليطفؤا نور الله بافواههم والله متم نوره ولو كره الكافرون", فسنة الله ماضية وما قدره الله كائن لا محالة وها هو التشيع رغم كل هذا يجتاح الدنيا ويكتسح الآفاق، والحقيقة تظهر جلية للعيان رغم غيوم النوا صب وأتباع النهج الأموي, وهاهو عدد الشيعة المستبصرين يزداد يوماً بعد يوم رغم ما يرجه من صعوبات ورغم الألغام الكاسحة التر يزرعها أعداء أهل البيت عليهم السلام في طريق التشيع, ‏ولله الحمد على ما وفقنا إليه فها هي القنوات الشيعية تملأ الدنيا وها هو صوت الحق يدخل إلى كل بيت حتى بيوت الوهابيين النواصب ورغماً عن أنوفهم إنها بلا شك قد زعزعت العقيدة الباطلة لدى الكثير من المخالفين حتى وإن لم يتشيعوا إلا أنهم قد صدموا بمعرفتهم للحجة والبرهان الذي يوجب على المسلم إتباع أهل البيت عليهم السلام الذين هم معدن الرسالة ومهبط الوحي ومختلف الملائكة والذين هم أهل الذكر الذين أمرنا بسؤالهم فيما لا نعلم والدين هم أولو الأمر الذين أمرنا بطاعتهم في الذكر الحكيم.
لقد عرف المخالفون أن لاهل البيت عليهم السلام موالين ومحبين وشيعة يبذلون أرواحهم رخيصة فداءً لمنهجهم الصحيح, ‏عرفوا أنهم إن تركوا أهل البيت عليهم السلام فإن غيرهم قد تمسك يهم وتفانى في حبهم ومودتهم وما عاشوراء إلا أكبر دليل على ذلك.

 

إلى هنا انتهى في جواب السؤال الذي حيرني طويلاً وبفضل الله وببركة محمد وأهل بيته الأطهار تمكنت من إيجاد الجواب الذي شفى صدري وأروى غليلي وجعلني أزداد تمسكاً بولاية آل محمد وأسأل الله دائماً وأبدا الثبات ‏على ولايتهم والعون على تربية أولادي وكافة أفراد أسرتي على ولاية آل محمد جعلنا الله من أنصار حجته إمام زماننا مولاي محمد بن الحسن العسكري وعجل فرجه الشريف ليملأ الأرض عدلا بعدما ملأها الظالمون جوراً.


اللهم أدخلنا في كل خير أدخلت فيه محدا وآل محمه وأخرجنا من كل سوء أخرجت منه محمداً وآل محمد صلواتك عليه وعليهم، نسأل الله شفاعة محمه وآل يوم العرض عليه في الآخرة وزيارتهم في الدنيا إنه سميع مجيب والله الموفق والهادي الى سواء السبيل.