حوار بهلول السوري مع السني العراقي
اللهم صل على محمد وآل محمد
رأيته يمشي متلفتا يمنة ويسارا تظهر عليه ملامح الدهشة وتغشى عيناه رقرقة دمعة يخاف ان تفضحه فلم يعتد سابقا البكاء لكن هول تكشف الحقائق مع وقوفه بحضرة ثأر الله ابي عبد الله الحسين (ع) جعله أخيرا يجهش بالبكاء نعم بكى بحرقة وتنهنهت انفاسه وكنت أقف من بعيد وأراقبه اقتربت منه بضع خطوات وتوجه للقبلة وشرع بالصلاة ووضع يده فوق الأخرى ( تكتف) انتظرت حتى فرغ من صلاته فتقدمت منه وجرى بيننا هذا الحوار انقله لكم للفائدة :
هو شاب عراقي تعرفت اليه في كربلاء أثناء زيارتي لها لإنجاز عمل علمي ، وبعد انهاء عملي توجهت للعتبة الحسينية المقدسة ودخلت إلى الحرم الشريف.
بهلول السوري: السلام عليكم تقبل الله أعمالكم.
العراقي: وعليكم السلام منا ومنكم.
بهلول السوري: هل تسمح لي بالتعارف اسمكم الكريم.
العراقي : حياك الله اسمي علاوي من أهالي بغداد.
بهلول السوري: أهلا وسهلا بك ، حسب ما ظهر لي انكم من اخوتنا السنة
العراقي: نعم، أنا من بغداد و أقيم منذ فترة جيدة بسوريا في منطقة جرمانا وزرت عدة مرات مقام السيدة زينب (ع) قبل عام من بدء الأحداث بسوريا،
بهلول السوري: ما هو سبب زيارتكم للسيدة (ع) وزيارتكم لمرقد الإمام أبي عبد الله الحسين ؟؟
العراقي: في الحقيقة كنت من أشد المخالفين للشيعة وأنتقد تصرفاتهم دون أن اعرفها أو أحتك بهم مجرد تقليد أعمى نسبة لوالدي وعائلتي فقط نقوم بالتعرض لهم دون معرفة حقيقة معتقداتهم ونمط فكرهم، ساقتني الظروف ان اقيم في دمشق لفترة طويلة في عدة مناطق وآخرها منطقة جرمانا، وشاءت الأقدار ان يكون بجواري بنفس البناء عائلة سورية شيعية، كانوا طيبين جدا في تعاملهم معنا وكنت أظنهم من السنة، في احد المرات دعاني ابنهم لزيارتهم بالمنزل، ولما دخلت لزيارتهم وجدت لوحة مكتوب عليها أسماء الأئمة من آل بيت النبي (ص)، فقلت له أنتم شيعة ؟!!، فقال لي : نعم، لا أخفيك أنه داخلني شعور بالغضب وأردت التملص والعودة لمنزلي لكنه شد على يدي طالبا الجلوس، عندما جلست وجدت أمامي مكتبة صغيرة جدا فيها عدد من الكتب، لفت انتباهي كتاب زيارة السيدة زينب (ع)، وكتاب آخر زيارة الإمام ابا عبد الله الحسين (ع)، كنت في حالة من الغليان وهذا ما يعبر عنه بالعصبية الحمقاء والقاتلة شيء ما خفي فقط هو ما كان يرغمني على السكوت وكلما حاولت أن أنتفض بوجهه، كنت ألمح بوجهه ابتسامة لطيفة، فيساورني شعور يذكرنني أنني في منزله، تحدثنا ببعض القضايا المعيشة، ثم عرجنا بالحديث على محبة النبي (ص) وأن من كمال محبة النبي (ص) محبة ذريته الطاهرة، كما جاء في القرآن الكريم (( قل لا أسئلكم عليه أجرا الا المودة بالقربى ))، واحتدم بيننا النقاش الى أن قلت له أنكم تصلون غير صلاتنا فضحك لذلك، وقال : أنت لم تزر الى الآن أي من مساجدنا ؟!!، مع أن مراقد أئمتنا أغلبها عندكم بالعراق، وتتهجم علينا كيف دون سبب وجيه !!!، وطلب مني الذهاب معه لزيارة السيدة زينب (ع) في قرية راوية القريبة من منطقتنا ليريني كيف يصلون، في اليوم التالي ذهبت معه الى زيارة العقيلة زينب (ع) وادهشني ذلك المكان الروحاني وكثرة الزوار، وانتبهت للصلاة التي يؤدونها فوجدتها مشابهة تمام لصلاتنا الا ببعض التفاصيل، ثم أخذني لقرب الضريح وقال لي اقرأ ما تريد من ادعية وتمنى أن تقضى حاجتك، ببركة السيدة العقيلة (ع)، وبالفعل قرأت بعض الأدعية ومن ثم التفت للوحة الموضوعة على احد الأعمدة المجاورة للضريح، مكتوب فيها زيارة السيدة زينب (ع)، وقرأتها كاملة لأعرف ماذا يقولون في زيارتهم، فما وجدت الا شيئا جميلا وذكرا طيبا، وتمنيت أن أوفق لزيارة مرقد الإمام الحسين (ع) لأنني منذ ثلاث سنوات أرغب بالعودة للعراق لكني لم اوفق لذلك بسبب بعض الإجراءات وحيث أن والدي يعمل بسوريا وظروفه المادية لا تسمح لنا بالسفر وامورا اخرى، وبالفعل بعد أربعة أيام جائني صديق لي عراقي يقول لي ما رأيك ان نذهب لبغداد لدي عمل هناك اريد انجازه للشركة التي اعمل بها وقد كلفوني بالسفر ورتبوا لي سيارة تأخذني وتعيدني والسيارة فارغة لا يوجد بها سوى السائق وأنا ويمكنني اصطحاب من اريد، فاعتذرت منه لأنني لا أملك نقودا لتغطية نفقة السفر ووو، لكنه اصر لأخذي وتكفل بمصاريفي ذهابا وايابا على أن نعود بعد ثلاثة ايام، وبالفعل تحركنا بالسيارة في اليوم الثاني وبالطريق قال لي ان عمله سيكون في كربلاء واذا اردت يمكنني ايصالك لبغداد اولا ومن ثم اعود لأخذك عند طريق عودتي لدمشق، فقلت له لا لا أنا أريد الذهاب لكربلاء أرجوك، تذكرت نفسي ودعائي عند ضريح السيدة العقيلة زينب (ع)، وأخذتني عبرة البكاء لا أعلم هل هي فرحة أم شيء آخر، ودام الطريق تقريبا اثنتى عشر ساعة تبادلنا فيها الأحاديث، الى أن وصلنا لتخوم كربلاء، وأخذتني حالة من الهيبة والبكاء لم أعرف سببها !!، وهاأنا الآن في ضريح أبا عبد الله الحسين (ع) وكما ترى أصلي وأبكي نادما لأنني كنت اتهم عباد الله دون بينة، وكنت قد جلست أمس مع أحد الأخوة من رجال الدين أستفسر عن كربلاء وملحمة الطف فأوجز لي وأعطاني كتاب اسمه مقتل الحسين (ع)، وقرأته طوال الليل في الفندق امس للصباح، ودخلت المرقد وأنا في حالة بكاء شديد وتوجهت للضريح وقلت له أشهد أنك قتلت مظلوما يا سيدي أبا عبد الله
بهلول السوري: حقيقة يعجز الكلام في هذه المواقف لكن لي سؤال ما ذا ستفعل بعد عودتك لسوريا،
العراقي: أرغب بالعودة لسوريا لأنهي اعمالي وارتباطاتي واحث اهلي للعودة معي وسأقيم بجوار الإمام الحسين (ع) والإنتساب لإحدى الحوزات للإستفادة من علوم أهل البيت (ع)
2021-04-20