بقلم عمر بن ثامر 

 

قيل قديما أنه ماسل سيف على قضية كما سل على الامامة و يبدو للوهلة الأولى لبادئ الرأى ان الأمر كذلك لكن عند المتأمل نجد الامر أعمق من ذلك بكثير .
فإذا استقرأت التاريخ تجد ان كل خير أو شر وقع على وجه البسيطة مرده الى عقيدة تعتنق إن كان خير فوراءه إعتقاد صحيح و إن كان شرا فوراءه إعتقاد فاسد بل و أزيدك ما من تصرف او حكم مهما صغر إلا ووراءه إعتقاد ينطلق منه و يستند إليه علم ذلك من علمه و جهل ذلك من جهله .
إذا عرفت هذا فتأمل معي في كل ما يحدث من حولك الأن من قتل و هرج ومرج و تكفير و فساد فى الأرض و حاول كيف تربط هذه النتائج بمقدماتها التي حدثت في فجر الإسلام لتجد ان الأمر متسق إتساقا لا يخطر لك ببال .

 

وهنا يبرز السؤال هل الخلاف بيننا و بين بنى قومنا ينطبق عليه نفس الحال ؟ و لتعرف ذلك يجب عليك أولا ان تعرف ما هو اعتقادنا وما هو اعتقادهم ؟ عملا بقاعدة رد النتائج للمقدمات .
أما نحن اعتقادنا فهو واضح جلي ولا يحتاج منك إلا ترك التعنت و الرجوع الى الفطرة السليمة و إليك مجمله .

 

يقول سيد الأوصياء عليهم السلام : أول الدين معرفته و كمال معرفته التصديق به و كما التصديق به توحيده و كمال توحيده الاخلاص له وكمال الاخلاص له نفي الصفات عنه لشهادة كل صفة انها غير الموصوف و شهادة كل موصوف انه غير الصفة فمن وصف الله تعالى فقد قرنه ومن قرنه فقد ثناه ومن ثناه فقد جزأه ومن جزأه فقد جهله ومن جهله فقد أشار إليه ومن اشار اليه فقد حده ومن حده فقد عده ومن قال فيما فقد ضمنه ومن قال علا ما فقد أخلى منه كائن لاعن حدث موجود لاعن عدم مع كل شيء لا بمقارنة وغير كل شيء لا بمزايلة فاعل لا بمعنى الحركات .
إمسك هذا و شد عليه بما تملك من قوة فإنك لن تجد في الوجود توحيد غيره هذا عقيدتنا نحن .
فإذا استثنينا هذا فسنجد القوم ينقسمون الى اثنين و سبعين فرقة كلها في النار كما قال النبي الأمجد صل الله عليه واله في الحديث الصحيح و المتفق عليه بيننا و بينهم و سنقتصر في هذا البحث على ذكر نموذج من فرقتين و لأن المجال لا يتسع نقتصر على ذكر مثال او مثالين عن كل فرقة .

 

ذكر الحافظ الامام ابى بكر محمد بن حسن بن فورك المتوفى سنة 406 هجري في كتابه "مشكل الاثار " قال : روى سفيان بن عينة عن هشام عن عروة عن ابيه عن عبد الله ابن عمر قال : خلق الله الملائكة من شعر ذراعيه و صدره او من نورهما .
ولئن  مسلم استبشع هاته الالفاظ فقد اقتصر على كلمة "نوره" في صحيحه .


وعن عمارة بن عامر عن ام الطفيل انها سمعت رسول الله صل الله عليه واله يذكر انه رأى ربه في صورة شاب موفر ا رجلاه تصير على نعلين من ذهب " وعن سالم بن ابى زياد قال خرجت من مسجد رسول الله صل الله عليه واله ورأيت عكرمة مولي ابن عباس فقال :" لا يبرح حتى أشهد على هذا الرجل فإذا الرجل معاذ ابن عفراء . قال أخبرني من اخبر ابوك عن رسول الله صل الله عليه واله قال حدثني ابي ان رسول الله حدثه انه رأى رب العالمين في حصو بين الفردوس الى نصف ساقيه في صورة شاب أمرد يلتمع البصر قال ابن فورك معلقا على ما سبق : هذه الاحاديث تخريجها على الوجه الذي يليق بالله تعالى مما لا ينتقص التوحيد و لا يكذب رسول الله صل الله عليه واله فيما اخبر به - انتهى- .
فالحديث عنده صحيح ثم ذهب الى تأويل هذا الحديث و ليته ما فعل .

 

يقول ان حكم بصحة هذا الحديث حاكم و يقصد بهذا التعريض امامهم احمد ابن حنبل فإن له تأويل قال : و للجمع بين قبول هذا الخبر و بين ما يعتقد في التوحيد كان طريق ذلك ممكنا قال يحتمل ان يكون اراد به رسول الله ممن لا يشغله من هو حسن الصورة - شاب امرد- على تلك المناظر التي وصفها الخبر ان ذلك كله لم يشغله عن النضر الى الله .انتهى .

والمراد واضح هنا وهو ان الله ابتلى نبيه بشاب امرد لينظر أيشغل رسول الله بالنضر الى ذلك الشاب ام يشتغل بالنضر الى الله تعالى ؟
فانظر أخي اذا كان هذا الحديث قبيحا فتأويله أقبح و صدق الله اذ يقول " و يحسبونه هينا وهو عند الله عظيم " نعوذ بالله من نقل هذا الكلام ولو لا الحاجة الى البيان لما نقلته .
فهذا اذا توحيد الفرقة الاولى و هي اعقل الفرقتين و اما توحيد الفرقة الثانية فإليك مثالا او مثالين مراعات للاختصار فهي تتبنى ما سبق و تزيد عليه .

سئل ابن عثيمين عن معنى التوحيد فأجاب : هو عبارة حسب دلالة اللفظ عن جعل الشيء واحد اذا عرفت هذا فتعال ننتقل الى السؤال الثاني وهو : هل عبادة الانسان لصفة من صفات الله شرك ؟ او دعاءها ؟
فأجاب . عبادة الانسان لصفة من صفات الله او دعاءها من الشرك قد ذكر ذلك شيخ الاسلام ابن تيمية لان الصفة غير الموصوف بلا شك و ان كانت هي صفة فلو عبد انسان صفة من صفات الله لم يكن متعبدا لله انما تعبد لهذه الصفة لا لله و الانسان انما يعبد الله و كذلك دعاء الصفة من الشرك .
ثم يسأل عن صفات الله هل هي مخلوقة؟ فيقول جميع صفات الله غير مخلوقة .انتهى.

 

وعند الجمع بين الاقوال السابقة يتضع مايلى:


اولا : لايجوز عبادة او دعاء صفة من صفات الله لانها غير الله.
ثانيا: يقول ان صفات الله غير مخلوقة و النتيجة هي كتالى : ان هناك من هو غير الله وهو فى ذات الوقت غير مخلوق فاين تعريف التوحيد ؟ جعل الشيئ واحد . ولمن اراد ان يتوسع فى هذا الموضوع فاليراجع كتاب "فتاوى فى العقيدة لابن عثيمين وهو من منضري السلفية فى هذا العصر .
ومما سبق يحق لنا أن نسأل هل يعتقد اخواننا انه قل هو الله احد ؟
وصل الله على محمد واله الطيبين