السيد محمد الكثيري_المغرب
السيد محمد الكثيري_المغرب
المولد والنشأة
ولد في دولة المغرب، وترعرع في أجواء أسرة مالكية المذهب، فاتبع هذا المذهب تقليداً للآباء، كباقي ابناء مجتمعه.
كان للسيد الكثيري مجموعة اصدقاء تجمعهم هواية البحث عن الصحوة والفكر الجديد، وبمرور الزمان ومن خلال مفاجئتهم بوجود التناقضات في الصعيد العقائدي والفقهي بدأوا يعانون من القلق الفكري.
يقول الكثيري في هذا المجال: "هذا التخبط والاختلاف العقائدي الذي كان سبباً في انتشار موجه من القلق الفكري والروحي داخل صفوف أبناء الصحوة، دفع البعض إلى التحرر تدريجياً من الالتزام الديني والتوجه نحو الانشغالات الدنيوية والنظر إلى الإسلام بنوع من الحذر والريبة. ومنهم من هرب قاصداً الطرق الصوفية على اعتبار أن التعبد هو الحقيقة الوحيدة... وبقيت فئات عريضة داخل هذه البؤرة تتخبط في الاختلاف والتناقض وتتوزعها كيانات فكرية وحركية لا تتوقف عن الانقسام والتكاثر، كل كيان يسفه احلام خصومه، بل يكفرهم ويرمي بهم بعيداً عن جماعة المسلمين".
ويضيف السيد الكثيري: "الواقع أنني كنت ممن أكتوي بنار هذا الاختلاف واصابه شرر من لهيبها المتطاير، أيام بل شهور من القلق الفكري والعقائدي كادت أن تعصف بكباني الايماني والالتزامي.
لكن العناية الالهية أدركتني في الوقت المناسب، فانتشلتني من هذا التخبط الذي حشرت فيه، وأمدتني بالقوة والعزم الكافيين لمواصلة مسيرة البحث والدراسة لمعرفة اسباب الخلاف وعوامله ومن يقف وراءه.
فعقدت العزم لدراسة المذاهب الإسلامية المتعددة والتعرف على رجالاتها وكتبهم والبحث عن الدراسات المهمة التي تعالج القضية المذهبية وتاريخ المذاهب.
ولما لم يكن ذلك متيسراً في وطني لقلة المراجع والمصادر الخاصة بالمذاهب الإسلامية المختلفة قررت السفر إلى الشرق لتحقيق هذا الغرض".
وفي الشرق بدأ الكثيري بدراسة التاريخ وسلط الضوء على الخلفيات التاريخية، لأنه كان يرى بأن هذه الخلفيات تعطى للفكرة الأبعاد العميقه، فتظهر الحقيقة من خلال هذا العمق، وهذا هو الذي يساعد الانسان على حسن الاختيار والتمييز بين الحق والباطل.
ومن هنا اكتشف الكثيري: "أن السلطات السياسية الحاكمة للمجتمع الإسلامي خصوصاً مع بداية القرن الرابع قد اضفت الشرعية المطلوبة على بعض المدارس الأصولية والفقهية. وتلقاها عامة الجمهور بالقبول وأضفوا عليها مع مرور الزمن القداسة والاحترام حتى اضحت تمثل الإسلام في شكله ومضمونه، وغد الخارج عنها مارقاً عن الإسلام، كافراً ضالا وفي أحسن الظروف مبتدعاً، لذلك أحلّوا دمه وماله.
في المقابل عاشت فرق ومذاهب أخرى في الظل، ليس فقط لشذوذها الفكري أو العقائدي، وركوبها الغلو الذي تنفر منه فطرة اغلبية الناس ولكن لمعاداتها السلطات السياسية القائمة. وأفضل مثال على ذلك الفرق الشيعية بعامة والإمامية الاثنا عشرية بخاصة.
فإذا كانت هذه الفرق لم تعترف بشرعية اغلب السلطات السياسية التي قامت على طول التاريخ الإسلامي، فإن رد فعل تلك السلطات كان مماثلا وزيادة بعض الشيء، فشُوهت أفكار الفرق المعارضة وحُرفّت عقائدها وقُتل دعاتها ورجالات دعوتها وأرباب مدارسها، ولم يسمح لها بنشر مذاهبها إلا بطرق سرية وحفية.
لذلك لم تعرف حقيقة الكثير من المدارس الكلامية إلاّ بعد فترة طويلة من انتهاء هذا الصراع.
ولكن هذا النمو في الظل والخفاء لبعض الفرق، قد جعل قطاعات واسعة لا تعرف عنها شيئاً".
وتبيّن للكثيري أن المذاهب الاربعة لم تستطع الانتشار إلاّ في ظل عناية الخلفاء والولاة وذلك لأن عناية السلطة تكسب الشيء لونا من الاعتبار والعظمة، كما أن السلطات الحاكمة حصرت المذاهب في أربعة ومنعت العامة من تقليد غيرها، ثم منعت الاجتهاد واغلقت بابه وجعلته حكراً على من مضى من السلف وفرضت على الخلف التقليد والامتثال.
ثم واصل الكثيري بحثه، بعيداً عن كل تعصب أو انحياز مسبق لجهة ما على اعتبار أنها الحق أو أنها الميزان الذي يوزن به غيره، وكان هدفه من بحثه الموضوعي هو حب الوصول للحقيقة.
واكتشف الكثيري خلال مطالعته للتاريخ حقائق مهمة وخطيرة، غيرت من حياته الكثير لأنّها انتزعته من مذهبه السابق وأخذت بيده إلى مذهب أهل البيت(عليهم السلام).
ثم واصل الكثيري بحثه حتى لم يبق له أدنى شك في تغيير انتمائه المذهبي لأنه اكتشف أن من قوة مذهب التشيع أنه قادر على اثبات احقيته من كتب أهل السنة، فزاده ذلك اطمئناناً وايماناً بصحة عقائد الشيعة وما يدعون إليه.
فاعلن استبصاره، ثم جند نفسه لنشر علوم ومعارف أهل البيت(عليهم السلام) فاختار القلم وسيلة لتحقيق هذه الغاية، فتوجه إلى التأليف والكتابة ونشر المقالات في الصحف والمجلات الاسلامية من أجل انارة بصائر... الذين لا يعرفون عن التشيع شيئاً وارشادهم إلى الحقائق التاريخية التي وقفت السلطات الجائرة فيما سبق دون وصولها إلى الناس.
مؤلفاته:
(1) "السلفية بين أهل السنة والامامية":
2021-02-25