مع الشيخ الحمش في تضعيف أحاديث المهدوية ( 2 )

بقلم: الأستاذ مروان خليفات 


دفع الحماس بالشيخ الحمش إلى الطعن بكل الأحاديث المهدوية وانكارها لدى السنة والشيعة، ولا عجب في ذلك، فقد وصفه احد مشايخه المحققين بالمتسرع ، وسيظهر مقدار علمه بالمدرسة الإمامية ومبانيها في هذا الرد والرد الذي سبق ونشرته، فليراجعه المهتم .
ملاحظة : هذا مقال نشرته سابقا، أعيده ونحن في شهر شعبان حيث ولادة الامام الحجة الثاني عشر ع.
تحت عنوان باب :  الإشارة والنص إلى صاحب الدار عليه السلام ) قال الشيخ الكليني (ت 329ه) : (  علي بن محمد ، عن محمد بن علي بن بلال قال : خرج إلي من أبي محمد قبل مضيه بسنتين يخبرني بالخلف من بعده ، ثم خرج إلى من قبل مضيه بثلاثة أيام يخبرني
بالخلف من بعده ) 
روي هذا الخبر بعدة طرق عن محمد بن علي بن بلال .
قال أبو الصلاح الحلبي ( ت 446هـ)  فأما النص من أبيه ـــ العسكري  ع ـــ  : ( فما روي من عدة طرق ، عن محمد بن علي بن بلال قال : خرج إلي من أبي محمد الحسن بن علي عليهما السلام قبل مضيه بسنتين يخبرني بالخلف من بعده )
تقريب المعارف، أبو الصلاح الحلبي، ص ٤٢٦
أما سند الرواية :
علي بن محمد  : هو مشترك بين اثنين، وهما ثقتان :


1ــ  علي بن محمد بن إبراهيم الكليني المعروف بعلان  خال الكليني .
قال الشيخ النجاشي : (علي بن محمد بن إبراهيم بن أبان الرازي الكليني المعروف بعلان يكنى أبا الحسن . ثقة ، عين . له كتاب أخبار القائم عليه السلام )
فهرست اسماء مصنفي الشيعة ، ص 261 ـــ 262
وقال ابن حجر : ( على بن محمد بن إبراهيم بن أبان الرازي الكليني * لقبه علان * روى عن محمد ابن شاذان ونصر بن الصباح وغيرهما * روى عنه سعيد بن عبد الله وعلي بن محمد الأيادي * وذكره ابن جعفر الطوسي في رجال الشيعة ووثقه * وقال ابن النجاشي كان جليلا كانت له منزلة من أبي محمد العسكري)
لسان الميزان، ج ٤، ابن حجر العسقلاني، ص ٢٥٩


2ـــ علي بن محمد بن بندار
قال الشيخ النجاشي : ( علي بن أبي القاسم عبد الله بن عمران البرقي المعروف أبوه بما جيلويه ، يكنى أبا الحسن . ثقة ، فاضل ، فقيه ، أديب رأى أحمد بن محمد البرقي وتأدب عليه ، وهو ابن بنته . صنف كتبا...) 
فهرست اسماء مصنفي الشيعة ، س 262
قال السيد الخوئي:  ( علي بن أبي القاسم عبد الله 
علي بن محمد بن بندار= علي بن محمد بن عبد الله ( عبيد الله ) ...  =
وكيف كان فلا شك في أن علي بن محمد بن أبي القاسم ثقة ، وهو شيخ الكليني )
معجم رجال الحديث، ج ١٢، السيد الخوئي، ص ٢٦٤
وقال في موضع آخر : (ثم إنك قد عرفت في علي بن أبي القاسم الثقة أنه علي بن محمد بن أبي القاسم ، وعليه فيحكم بوثاقة علي بن محمد بن بندار ، وعلي بن محمد بن عبد الله ) 
معجم رجال الحديث، ج ١٣، السيد الخوئي، ص ١٣٦


محمد بن علي بن بلال
 ثقة كان مستقيما ثم انحرف، أثنى عليه الإمام العسكري ع.   
قال الكشي : ( حكى بعض الثقات بنيسابور أنه خرج لإسحاق بن إسماعيل من أبي محمد عليه السلام توقيع : ... ويا إسحاق اقرأ كتابنا على البلالي رضي الله عنه ، فإنه الثقة المأمون العارف بما يجب عليه )
اختيار معرفة الرجال ، ص 428 ـــ 431
وثقه الشيخ الطوسي في رجاله .رجال الطوسي، ص 401


 قال السيد بن طاوس في ربيع الشيعة ( أما الغيبة الصغرى منهما فهي التي كانت فيها سفراؤه موجودين وأبوابه معروفين ، لا تختلف الإمامية القائلون بإمامة الحسن بن علي عليهما السلام فيهم ، فمنهم أبو هاشم الجعفري ، ومحمد بن علي بن بلال ) 
مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، ج ٤، العلامة المجلسي، ص ٥


لكن هذا الرجل انحرف، فذمه الشيخ الطوسي في مصنف آخر ، فتحت عنوان : المذمومين الذين ادعوا البابية، قال : (ومنهم : أبو طاهر محمد بن علي بن بلال ، وقصته معروفة فيما جرى بينه وبين أبي جعفر محمد بن عثمان العمري نضر الله وجهه ، وتمسكه بالأموال التي كانت عنده للامام ، وامتناعه من تسليمها ، وادعائه أنه الوكيل حتى تبرأت الجماعة منه ولعنوه ، وخرج فيه من صاحب الزمان عليه السلام ما هو معروف )
الغيبة، الشيخ الطوسي، ص ٤٢٨
وقال السيد الخوئي : ( ومع هذا كله ، فقد أخلد إلى الأرض واتبع هواه وادعى البابية . قال الشيخ : ومنهم ( المذمومين الذين ادعوا البابية لعنهم الله ) : أبو طاهر محمد بن علي بن بلال ، وقصته معروفة فيما جرى بينه وبين أبي جعفر محمد بن عثمان العمري )
معجم رجال الحديث، ج ١٧، ص ٣٣٣
خلص  السيد الخوئي إلى القول بوثاقة ابن بلال ، فقال : ( فهو ثقة ، فاسد العقيدة ، فلا مانع من العمل برواياته ، بناء على كفاية الوثاقة في حجية الرواية ، كما هو الصحيح )
معجم رجال الحديث، ج ١٧، السيد الخوئي، ص ٣٣٥ 


وقال محمد صالح المازندراني عن هذا السند موضع بحثنا : (وهذا الإسناد من الأسانيد العليّة) شرح أصول الكافي، ج ٦، ص ٢٢٦


لكن كيف يكون رجل ادعى السفارة كذبا ثقة في حديثه ؟ قال الشيخ عداب الحمش في نقده لسند الحديث هذا : ( هذا الرجل فاسد العقيدة، يدّعي أنه (باب المهدي) ثم يروي حديثاً يدعم فساد عقيدته وينفرد به هو، فكيف نقبل روايته؟ سبحان الله العظيم!
إن كفاية الوثاقة في قبول الرواية، لا نختلف عليها، وظنّ الصدق في فاسد العقيدة غريب بل هو كذّاب أشر! يدّعي أنّه باب المهدي، وكذّبه العلماء في هذه الدعوى، فكيف نصدّقه في روايته خبراً من جنس ما كذّبوه به؟ أليس هذا من أغرب الغرائب؟!)
المهدي المنتظر، ص 474


وقع الشيخ الحمش في سقطات فظيعة ، ولأنه مندفع وهمه تهديم الأحاديث المهدوية من أساسها، فقد خانه نظره، ولعل قلة اطلاعه على مباني الإمامية الحديثية وغروره هو السبب في هذا السقوط المدوي.
ففاسد العقيد تُقبل روايته إن كان ثقة، وعلى هذا أغلب الفرق الإسلامية المشهورة بما فيهم أهل الحديث من أهل السنة، ففي الصحيحين وسائر كتب السنن عشرات بل مئات من الرواة فاسدي العقيدة (المبتدعة)  الذين وثقهم أهل الجرح والتعديل، وهؤلاء الرواة فيهم : النواصب والروافض على حد تسميتهم وفيهم الخوارج والقدرية والزيدية ، فقول الشيخ عداب : (وظنّ الصدق في فاسد العقيدة غريب ) هو الغريب ! مع تخصصه في الحديث ونقده كما يقول !  فأهل الحديث من أهل السنة يقبلون رواية فاسد العقيدة إن كان صادقا ضابطا لما يرويه.
قال الذهبي : ( قلت : هذه مسألة كبيرة ، وهي : القدري والمعتزلي والجهمي والرافضي ، إذا علم صدقه في الحديث وتقواه ، ولم يكن داعيا إلى بدعته ، فالذي عليه أكثر العلماء قبول روايته ، والعمل بحديثه ، وترددوا في الداعية ، هل يؤخذ عنه ؟ فذهب كثير من الحفاظ إلى تجنب حديثه ، وهجرانه ، وقال بعضهم : إذا علمنا صدقه ، وكان داعية ، ووجدنا عنده سنة تفرد بها ، فكيف يسوغ لنا ترك تلك السنة ؟ فجميع تصرفات أئمة الحديث تؤذن بأن المبتدع إذا لم تبح بدعته خروجه من دائرة الاسلام ، ولم تبح دمه ، فإن قبولما رواه سائغ )
سير أعلام النبلاء، ج ٧، الذهبي، ص 153 ـــ 154
وقال في ترجمة أبان بن تغلب : ( شيعي جلد لكنه صدوق فلنا صدقه وعليه بدعته )ميزان الاعتدال، ج1 ص 5
وقال المعلمي  في « التنكيل » (1/50) : « وقد وثق أئمة الحديث جماعة من المبتدعة واحتجوا بأحاديثهم وأخرجوها في الصحاح . ومن تتبع رواياتهم وجد فيها كثيراً مما يوافق ظاهره بدعهم )
وقال الشيخ المحدث عبدالله السعد : ( ... القول الثالث : أن البدعة لا تؤثر على الراوي . إذا ثبت أنه حافظ ضابط وصادق ليس بكاذب ، وهذا قول جمهور النقاد ، جمهور المتقدمين وعلى رأسهم " الإمام علي ابن المديني ويحيى بن معين ويحيى بن سعيد القطان "  وغيرهم ، وعلى هذا المذهب البخاري ومسلم والترمذي والنسائي " وغيرهم من أهل العلم بالحديث . ومن ذلك : أن مسلم بن الحجاج  رحمه الله خرج من طريق عدي بن ثابت عن زر بن حبيش عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، قال : " إنه لعهد النبي الأمي إلى أنه لا يحبك إلا مؤمن ولا يبغضك إلا منافق " وعدي بن ثابت " موصوف بأنه قاص الشيعة . ولا شك أن هذا الحديث قد يكون فيه تأييد لبدعته . وهو لا يدل على ذلك . ومع ذلك خرج الإمام مسلم هذا الحديث له من طريقه ...  فأقول ــــ والكلام للشيخ ــــ  إن القول الثالث هو القول الصحيح لأنه : أولا : قول المتقدمين من أهل العلم بالحديث . ثانيا : أنه الذي جرى عليه العمل .  ثالثا : أنه الذي يدل عليه الدليل )ملتقى اهل الحديث .


وقال الألباني في سلسلة الاحاديث الصحيحة 5 / 261: ( لأن العبرة في رواية الحديث إنما هو الصدق و الحفظ ، و أما المذهب فهو بينه و بين ربه ، فهو حسيبه ، و لذلك نجد صاحبي " الصحيحين " و غيرهما قد أخرجوا لكثير من الثقات المخالفين كالخوارج و الشيعة و غيرهم)
وقال عبدالله بن الصديق الغماري : ( والمقصود بعد هذا : هو بيان أن رد حديث الثقة الشيعي إذا كان يؤيد مذهبه لم يصدر إلا من النواصب ومن لف حولهم واختار قولهم ودار في فلكهم . وأما أهل الإنصاف ، من أئمة الحديث سلفا وخلفا ، فلا يقولون بهذا الهراء الذي لا طائل تحته ، والذي يدل على التخريف والتحريف . ولهذا احتج الشيخان بما رواه الشيعة الثقات من الأحاديث التي تؤيد مذهبهم ... وتبعهم على ذلك بقية الأئمة الذين جمعوا الصحاح وألفوا السنن ، فقد رووا في هذه المصنفات العدد الكثير من حديث الشيعة فيما يؤيد مذهبهم ، وصرحوا بصحتها أو صحة أكثرها . وكل هذا يدل على أن ما زاد ه الجوزجاني ، وتبعه عليه الجهلة من النواصب ومبغضي آل البيت ، مع كون حديث الشيعي الثقة لا يقبل إذا كان يؤيد مذهبه ، وينصر رأيه ، باطل لا أصل له ، ولا يشهد له عقل ، ولا يؤيده نظر )
إرغام المبتدع الغبي بجواز التوسل بالنبي ( ص ) ، ص 59
لو عدتُ إلى قول الشيخ عداب : ( هذا الرجل فاسد العقيدة، يدّعي أنه (باب المهدي) ثم يروي حديثاً يدعم فساد عقيدته وينفرد به هو، فكيف نقبل روايته؟ )
ففيه غرابة في الطرح، فالمبتدع على حد تعبير أهل الحديث من السنة تُقبل روايته إن كان ثقة، بل بعضهم يقبل روايته وإن كان داعيا إلى بدعته  كما فصلتُ.
ثم ينبغي للشيخ عداب نقد الحديث وفق مباني الإمامية، فقوله : ( هذا الرجل فاسد العقيدة) إنما هو بلحاظ ادعائه البابية لا قوله بوجود الإمام الثاني عشر، ففساد عقيدته ناظر إلى تنصيب نفسه سفيرا للحجة ع ، فلو روى حديثا عن الإمام المهدي أو الحسن العسكري عليهما السلام، يذكر فيه أنهما نصا على سفارته، فهو بهذا يدعو لعقيدته، فيرد .
لو طبقنا منهج الشيخ في نقد الأحاديث لكان من حق النصراني وغيره أن ينقد السنة النبوية ورواتها برفض رواية  كل راو مبتدع من القدرية والشيعة والخوارج ... حينها لن يبقى حجر على حجر، ولن يتبقى من السنة إلا القليل النادر !
أما قبول الإمامية لحديث ابن بلال فلأنه صدر منه حال استقامته، ولا تأخذ الإمامية بحديث فاسدي العقيدة إلا بشروط،. لعل الشيخ عداب لا يدرك هذه المسألة وإلأ لانصف وأشار إليها، فإن كان يعلم هذه القاعدة وأخفاها في بحثه فهو تدليس منه وخداع للقراء ، وإن لم يكن يعلم  فهذه مصيبة إذ يكتب في موضوع يجهل تفاصيله .


قال الشيخ الطوسي :  ( إن جميع ما يرويه هؤلاء ــ أصحاب المذاهب الفاسدة ــ إذا اختصوا بروايته لا يعمل به وانما يعمل به إذا انضاف إلى روايتهم رواية من هو على الطريقة المستقيمة والاعتقاد ) العدة في أصول الفقه، ص 351


ورواية ابن ابي بلال المتقدمة لها شواهد كثيرة جدا، بل هي مقبولة صحيحة لأنها من حديثه حال استقامته .
قال الشيخ الطوسي : ( وإذا كان الراوي من فرق الشيعة مثل الفطحية ، والواقفة ، والناووسية وغيرهم نظر فيما يرويه فإن كان هناك قرينة تعضده ، أو خبر آخر من جهة الموثوقين بهم ، وجب العمل به ، وإن كان هناك خبر آخر يخالفه من طريق الموثوقين ، وجب إطراح ما اختصوا بروايته والعمل بما رواه الثقة ، وإن كان ما رووه ليس هناك ما يخالفه ، ولا يعرف من الطائفة العمل بخلافه ، وجب أيضا العمل به إذا كان متحرجا في روايته موثوقا في أمانته ، وإن كان مخطئا في أصل الاعتقاد ... 
وأما ما ترويه الغلاة ، والمتهمون ، والمضعفون وغير هؤلاء ، فما يختص الغلاة بروايته ، فإن كانوا ممن عرف لهم حال استقامة وحال غلو ، عمل بما رووه في حال الاستقامة وترك ما رووه في حال خطئهم ، ولأجل ذلك عملت الطائفة بما رواه أبو الخطاب محمد بن أبي زينب في حال استقامته وتركوا ما رواه في حال تخليطه ، وكذلك القول في أحمد بن هلال العبرتائي، وابن أبي عذافر وغير هؤلاء ) 
العدة في أصول الفقه  ج ١، ص 249 ــــ 251 
وقال الشيخ بهاء الدين العاملي : (  المستفاد من تصفح كتب علمائنا المؤلفة في السير والجرح والتعديل أن أصحابنا الإمامية كان اجتنابهم لمن كان من الشيعة على الحق أولا ، ثم أنكر إمامة بعض الأمة عليهم السلام في أقصى المراتب ، بل كانوا يحترزون عن مجالسهم والتكلم معهم فضلا عن أخذ الحديث عنهم ، بل كان تظاهرهم بالعداوة لهم أشد من تظاهرهم بها للعامة فإنهم كانوا يتلقون العامة ويجالسونهم وينقلون عنهم ويظهرون لهم أنهم منهم خوفا من شوكتهم ، لان حكام الضلال منهم ، وأما هؤلاء المخذولون فلم يكن لأصحابنا الامامية ضرورة داعية إلى أن يسلكوا معهم على ذلك المنوال ... فإذا قبل علماؤنا وسيما المتأخرون منهم رواية رواها رجل من ثقات الامامية عن أحد من هؤلاء وعولوا عليها وقالوا بصحتها مع علمهم بحاله ، فقبولهم لها وقولهم بصحتها لابد من ابتنائه على وجه صحيح لا يتطرق به القدح إليهم ولا إلى ذلك الرجل الثقة الراوي عمن هذا حاله ، كأن يكون سماعه منه قبل عدوله عن الحق ) 
مشرق الشمسين وإكسير السعادتين ( الملقب بمجمع النورين ومطلع النيرين )، الشيخ البهائي العاملي، ص ٧
إن الإمامية قاطعوا ابن بلال بعد انحرافه وصدور اللعن عليه، وإنما رووا عنه حال استقامته، فتكون روايته السابقة من الصحيح الذي لا غبار عليه . 
روى الشيخ الطوسي : ( منها ما أخبرني به الحسين بن عبيد الله ، عن أبي عبد الله الحسين بن علي بن سفيان البزوفري رحمه الله ، قال : حدثني الشيخ أبو القاسم الحسين بن روح رضي الله عنه قال : اختلف أصحابنا في التفويض وغيره ، فمضيت إلى أبي طاهر بن بلال في أيام استقامته فعرفته الخلاف )الغيبة، الشيخ الطوسي، ص ٤١٥


قال السيد الخوئي : ( وقد روى عنه أبو القاسم الحسين بن روح حال استقامته ، وقال : اختلف أصحابنا في التفويض وغيره فمضيت إلى أبي طاهر بن بلال في أيام استقامته فعرفته الخلاف ... ويظهر من هذه الرواية ، أنه كان من الجلالة والعظمة بمرتبة كان يراجعه أبو القاسم الحسين بن روح)
معجم رجال الحديث، ج ١٧، السيد الخوئي، ص ٣٣٣


لا شك إن رواية علي بن محمد شيخ الكليني  عن ابن بلال كانت حال استقامته، فالشيعة كما جاء في رواية الشيخ الطوسي السالفة تبرؤوا منه ولعنوه ، فلا يصدق باحث أن يقصده علي بن محمد وهو فقيه عين ليسمع منه .
لم يكتف الحمش بنقد السند الذي بان قوته، وإنما تكلم في المتن، فقال :  ( وأما من جهة المتن، فالرواية مبهمة، وكل الذي فيها أن الحسن العسكري - عليه السلام - أخبره بالخلف من بعده، فماذا أخبره، وبماذا، وما شأن هذا الخلف؟ أأخبره أنه وُلد ولا يزال حياً؟ أم أخبره أنه ولد ومات؟ أم أخبره أنه لن يولد له ولد يخلفه؟.. هذه الرواية ليست ظاهرة الدلالة على المراد، والعقائد لا تبنى على مثل هذه الإطلاقات الصادرة عن متهمين ، يُضاف إلى هذا أنّ بني هاشم كثيرون، فلماذا يخبر الحسن العسكري ابنَ بلال الفاسد العقيدة هذا، ولا يخبر واحداً من بني هاشم بذلك؟ أكان هذا الفاسد، أوثق عند الإمام العسكري عليه السلام منهم جميعاً؟ )المهدي المنتظر، ص 474 ـــ 475


لقد تبين أنه  يجوز الرواية عمن أسماهم المتهمين وفق قواعد أهل الحديث ووفق مباني الإمامية، والرواية موضع البحث صدرت عن الرجل حال استقامته، والمتن فيه دلالة واضحة على وجود خليفة للحسن العسكري ع ، فالرواية قالت : ( خرج إلي من أبي محمد قبل مضيه بسنتين يخبرني بالخلف من بعده ، ثم خرج إلى من قبل مضيه بثلاثة أيام يخبرني بالخلف من بعده )
فقوله يخبرني بالخلف من بعده ) اي يخبرني بمن يخلفه ، وفي هذا دلالة على ولده المذكور في الروايات، لهذا جعل الشيخ الكليني هذا الحديث تحت عنوان : ( باب : الإشارة والنص إلى صاحب الدار عليه السلام )) وهكذا فعل شراح الحديث ، لكن الشيخ الحمش لا يريد أن يعترف حتى لا يُسلم للإمامية عقيدتهم .
أما قوله : (وما شأن هذا الخلف؟ أأخبره أنه وُلد ولا يزال حياً؟ أم أخبره أنه ولد ومات؟ أم أخبره أنه لن يولد له ولد يخلفه) 
فيكفي اخباره بوجود الوصي من بعده، وفي ظل تلك الظروف الصعبة التي مرت على اتباع الائمة ع، فمن غير الحكمة تفصيل الحال في رقعة قد تقع بيد بعض الجواسيس المدسوسين، خاصة وان الإمام  العسكري ع قد تعمد التكتم واخفاء الأمر، حفاظا على حياة ابنه من الحكام العباسيين الذين كانوا يترصدون ذاك الامام ليقتلوه، وهذا من أسباب جلب الامام الهادي والعسكري عليهما السلام إلى سامراء وفرض الاقامة الجبرية عليهما . اذا فهمنا هذا يتبين أن اشكالات الحمش إنما هي للتشويش ليس إلا.
وقوله : (والعقائد لا تبنى على مثل هذه الإطلاقات الصادرة عن متهمين) 
فيه تلبيس، فعقيدة الإمامية لم تبن على هذه الرواية فقط وإنما يوجد العشرات بل المئات غيرها التي لا شك أنها تفيد اليقين .
يكمل الشيخ الحمش اعتراضاته فيقول : (يُضاف إلى هذا أنّ بني هاشم كثيرون، فلماذا يخبر الحسن العسكري ابنَ بلال الفاسد العقيدة هذا، ولا يخبر واحداً من بني هاشم بذلك؟ أكان هذا الفاسد، أوثق عند الإمام العسكري عليه السلام منهم جميعاً؟ )
لم يكن ابن بلال فاسدا آنذاك، والإمام ع أخبر ثقاته بالحجة من بعده، وابن بلال كان منهم، والإمام أعلم بمن يخبر، وربما أخبره اقامة للحجة عليه، أما الهاشميين الذين أخبرهم الإمام ع فمنهم:  أبو هاشم الجعفري الذي ذكرته في منشوري السابق .