شبهة  انكار الناصر الاطروش ولادة الحجة ابن الحسن (عجل الله فرجه الشريف)

 

بقلم: الأستاذ مروان خليفات 


ما أكثر الشبهات التي تطرح، فمن حقنا نقدها والرد عليها، وهذا بحث فيه فوائد كثيرة إن شاء الله .
يذكر البعض أن الحسن بن علي الناصر الاطروش ( ت 304هـ) كان حاضرا وفاة الحسن العسكري ع  في سامراء وينقلون عنه انكاره وجود ولد للإمام العسكري ع، وممن أنكر ذلك أيضا الهادي يحيى بن الحسين والسيدان يحيى واحمد الهارونيان كما جاء في نقض المكتفي  ص 66
والجواب : أما الهادي يحيى بن الحسين ( ت 298هـ) فقد كان بعيدا عن سامراء في أرض الحجاز ثم غادر لاحقا لليمن، فلم يكن شاهدا ولا حاضرا ولا هو من أصحاب الإمام الحسن العسكري ع ولا من شيعته القائلين بإمامته، على أنه من الطبيعي أن يشهد بما نقلوا عنه نظرا لخلفيته المذهبية وموقفه وموقف جده الرسي المتشدد من الإمامية وأئمتهم عليهم السلام خاصة الجواد الذي طعن القاسم بإيمانه.
وكذلك القول بالسيدين أحمد ( ت 411هـ) ويحيى ( ت 424هـ)  الهارونيين، فهما متأخران زمانا عن ذاك الحدث، ويعارضهما قول أبيهما الحسين بن هارون الحسني الإمامي بالولادة  وإن لم ينقل عنه  صراحة شيء في ذلك، وهو استاذهما وشيخهما ولعله كان حاضرا تلك الاحداث فهو من أصحاب الأطروش ، ويعارض قولهما أخوان اثنان لهما من العلماء على نهج الإمامية قائلين بولادة الحجة الثاني عشر ع،  هما : ابو محمد عبد العظيم  وابو الحسين علي الصوفي، ذكرهما العبيدلي الحسيني في تهذيب الأنساب ونهاية الأعقاب .
بل يعارض رأيهما أقوال النسابة السابقين عليهم زمانا والمعاصرين لهم الذين أثبتوا الولد للحسن العسكري ع، أمثال : الحسن بن محمد ابن أخي طاهر الحسيني( 260هـ ـــ 358هـ) الذي ألف كتابا في غيبة الامام كما في ترجمته، وأبو نصر البخاري والحسن بن حمزة المرعشي الحسيني ( ت 358هـ) الذي ألف أيضا في غيبة الإمام،  وشيخ الشريف العبيدلي محمد بن محمد الحسيني والنسابة الشهير علي بن محمد العلوي العمري صاحب المجدي وكذا والده النسابة .
أما جوابي على انكار الناصر الأطروش:
أولا :  فشهادته بعدم وجود الولد للإمام العسكري ع، تفرد الزيدية بنقلها عنه، وهم متهمون في هذا التفرد بالنقل، خاصة إنه مما ينفع مذهبهم ويرغم خصومهم الإمامية .
ثانيا : لو كان هذا النقل عنه صحيحا لأخذ به صاحبه وناقل أخباره الحسين بن هارون الحسني الذي بقي إماميا ولم ينصت لولديه أحمد ويحيى ، وموقف الحسين الهاروني يبعث الشك فيما نسب للأطروش .
ثالثا : يعارض الأطروش في انكاره الولد للحسن العسكري ع فضلا عن الحسين الهاروني وولديه ابو محمد عبد العظيم  وعلي الصوفي ابناء الاطروش نفسه فاثنان منهما كان إماميين قائلين بإمامة الحجة الثاني عشر ع، وهما أبو علي الأديب وأحمد بن الناصر ( ت 311هـ)  نص على إماميتهما ابن اسفنديار في تاريخ طبرستان، ولعل موقفهما هذا يكشف عن مذهب أبيهما الأطروش في اثبات الابن للإمام العسكري ع، فهو مؤدبهما ومربيهما، وهذا التوجيه ان صح ناقض لما روته الزيدية عن الاطروش.
رابعا : يعارض ما قالوه عن الأطروش ما نقله الرجالي النجاشي عن الأطروش من كونه يعتقد الإمامة وله كتاب في مواليد الأئمة وتاريخهم إلى صاحب الزمان كما في فهرست أسماء مصنفي الشيعة، وذهب بعض الإمامية إلى القول بإماميته، ووافقه غيرهم كابن اسفنديار في تاريخ طبرستان، ولكني لا أعول  كثيرا  على هذا، وإنما ذكرته ليعلم المتابع  هذا التعارض لدى البعض مع ما نسب إليه.
خامسا : يعارض ما ذهب إليه الاطروش شهادة بعض الطالبيين باثبات الولد للإمام الحسن العسكري ع. وهو واحد، وهم أكثر عددا، فتقدم شهادتهم على شهادته على افتراض صحتها.
قال الشيخ الصدوق ( 306ه ـــــــ 381ه) : (لا نشك في أن الحسن ـــ العسكري ع ـــ كان له خلف من عقبه بشهادة من أثبت له ولدا من فضلاء ولد الحسن والحسين عليهما السلام والشيعة الاخيار لان الشهادة التي يجب قبولها هي شهادة المثبت لا شهادة النافي ) 
كمال الدين وتمام النعمة ، ص 79 – 81
وشهادة الصدوق هذه إما يكون قد اخذها من والده وشيوخه الذين عاصروا أولئك الأشراف وسمعوا منهم، أو يكون هو قد عاصر بعضهم من المعمرين وسمع منهم .
هؤلاء بعض الفاطميين الذين قالوا بولادة الحجة المنتظر ، وشهادتهم معارضة لقول الأطروش إن صح عنه، بل إن شهادتهم مقدمة ( لان الشهادة التي يجب قبولها هي شهادة المثبت لا شهادة النافي ) كما في قول الشيخ الصدوق .
1ـــ محمد بن إسماعيل بن ( إبراهيم ) بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب ع.
وقد صرح هذا الشريف أنه رأى الإمام الحجة بين المسجدين وهو غلام في رواية صحيحة السند إليه، وهي  في الكافي ، ج ١، الشيخ الكليني، ص ٣٧٨
وقد أفردت منشورا حوله سابقا .
2ــ الحسين بن الحسن بن الحسين بن الحسن بن علي بن أبي طالب عليه السلام .
من العلماء الفقهاء الذين استفروا في قم، وهو من شيوخ الكليني،  ورد الحسين بن الحسن على  الإمام الحسن العسكري مهنئا له  بولادة ابنه الحجة ع، نقل هذه التهنئة الشيخ الطوسي عن شيخه ابن أبي جيد القمي عن محمد بن الحسن بن الوليد وكلاهما ثقتان عن عبدالله بن العباس العلوي الذي وصفه أحد الثقات بالصدق .
الغيبة ، ص 251، ومثله في كمال الدين وتمام النعمة ، للشيخ الصدوق - ص 434
3ـــ الحسن بن علي بن الحسين الدينوري العلوي ( القرن الثالث الهجري )
الحسن بن  علي الدينوري ابن الحسن بن الحسين بن الحسن الأفطس ابن علي بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام.
من مشايخ الكليني ووالد الصدوق علي بن الحسين بن بابويه ،  فهو معاصر للإمام العسكري ع، روى عنه في الكافي عدة روايات .
وهو من رواة توقيعات الناحية المقدسة أي التوقيعات الصادرة عن الإمام المهدي ع ، وهذا يدل على نهجه العقائدي الإثني عشري، والناقل عنه هو الشيخ الثقة الكليني .
روى في الكافي : ( الحسن بن علي العلوي قال : أودع المجروح  مرداس بن علي مالا للناحية وكان عند مرداس مال لتميم بن حنظلة فورد على مرداس : أنفذ مال تميم مع ما أودعك الشيرازي )
الكافي، ج ١، الشيخ الكليني، ص ٥٧١
4ــ علي بن أحمد بن علي بن محمد بن جعفر بن عبد الله بن الحسين بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب.
المعروف بالعقيقي ( توفي حدود سنة 300هـ ) فهو معاصر للإمام العسكري ع، كان مورد عناية صاحب الزمان في رواية مشهورة رواها الشيخ الصدوق عن شيخه  محمد بن الحسن ابن أخي طاهر الحسيني عنه . وفيها قبل العقيقي جبهة سفير الامام الحسين بن روح .
كمال الدين وتمام النعمة، الشيخ الصدوق، ص 535 ــ 536
اضافة لعلي فوالده أحمد عالم مصنف إمامي كما تدل على ذلك ترجمته، فهو قائل بولادةالحجة ع .
ومن العلويين  القائلين بولادة الثاني عشر ع :
5ـــ محمد بن علي بن حمزة بن الحسن بن عبيد الله بن العباس بن علي بن أبي طالب عليه السلام ـ كانت وفاته سنة ( 286هـ) فهو معاصر للإمام الحسن العسكري قريب منه.
صرح بإماميته الشيخ النجاشي قائلا :  ( محمد بن علي بن حمزة بن الحسن بن عبيد الله بن العباس بن علي بن أبي طالب عليه السلام أبو عبد الله ، ثقة ، عين في الحديث ، صحيح الاعتقاد ، له رواية عن أبي الحسن  العسكري ع ــ وأبي محمد ـــ الهادي ع ـــ  عليهما السلام ، واتصال مكاتبة ، وفي داره حصلت أم صاحب الامر عليه السلام بعد  وفاة الحسن عليه السلام . له كتاب مقاتل الطالبيين . أخبرنا الحسين بن عبيد الله قال : حدثنا علي بن محمد القلانسي قال : حدثنا حمزة بن القاسم ، عن عمه محمد بن علي بن حمزة )
فهرست اسماء مصنفي الشيعة ،  ص 347 - 348
ولمحمد بن علي  رواية عن الإمام العسكري يذكر فيها ولادة الحجة المهدي ع.
روى الحر العاملي نقلا عن كتاب اثبات الرجعة للفضل بن شاذان وقد ذكر المحقق مسلم الداوري أن سند الحر العاملي للفضل بن شاذان معتبر.
أصول علم الرجال بين النظرية والتطبيق، ص 531
روى  عن الإمام الحسن العسكري :   ( قد ولد ولي الله وحجته على عباده وخليفتي من بعدي ، مختونا ، ليلة النصف من شعبان سنة خمس وخمسين ومائتين عند طلوع الفجر )
اثبات الهداة، ج3 ص 570
وكتاب ابن شاذان وإن كان فيه كلام، ففي ما قاله النجاشي في ترجمة محمد بن علي كفاية .
سادسا : يعارض ما ذهب إليه الأطروش إن صح عنه ذلك أقوال النسابة الذين اثبتوا الولد للإمام العسكري ع وهم قريبو العهد بوفاة الإمام ع، وبعضهم شاهد على أحداث وفاته، ولا شك أن أهل النسب أدرى من غيرهم، ولو افترضنا أن الأطروش من أهل النسب فعدد من سنذكرهم من النسابة كافي لتقديم قولهم على رأيه ، منهم :
1ــــ ابو هاشم الجعفري داود بن القاسم الهاشمي . 
وهو ممن اشتهر بمعرفة الأنساب. وصفه المؤرخ المسعودي فقال : ( ولم يكن يعرف في ذلك الوقت أقعد نسباً في آل أبي طالب وسائر بني هاشم وقريش منه ، وكان ذا زهد وورع ونسك وعلم )
مروج الذهب ومعادن الجوهر، ج ٤، المسعودي، ص 63 ـــ 64 
وقال النسابة أبو نصر البخاري : (فان داود بن القاسم الجعفري - وهو أحد كبار العلماء ومن له معرفة بالنسب ) 
سر السلسلة العلوية، أبي نصر البخاري، ص ٢٥
ومثله قال  ابن عنبة الحسني في عمدة الطالب في أنساب آل أبي طالب، ص ١٥٨
فشهادة هذا الهاشمي النسابة مقدمة على شهادة الأطروش، فهذا الرجل الثقة كان معاصرا للأئمة الرضا والجواد والهادي والعسكري والحجة ع، قريبا منهم، عارفا بأخبارهم ومعاجزهم، شهد بولادة الحجة الثاني عشر وآمن به.
من دلائل ذلك ما رواه الشيخ الكليني بسند صحيح عن ( محمد بن يحيى ، عن أحمد بن إسحاق ، عن أبي هاشم الجعفري قال : قلت لأبي محمد عليه السلام ( العسكري ع )  : جلالتك تمنعني من مسألتك ، فتأذن لي أن أسألك ؟ فقال : سل ، قلت :  يا سيدي : هل لك ولد ؟ فقال : نعم ، فقلت : فإن بك حدث فأين أسأل عنه ؟ فقال : بالمدينة )
الكافي، ج ١، الشيخ الكليني، ص ٣٧٦
وفي رواية أخرى، روى الشيخ الطوسي بسند صحيح قال : (وروى سعد بن عبد الله ، عن أبي هاشم الجعفري قال : كنت محبوسا مع أبي محمد عليه السلام في حبس المهتدي بن الواثق فقال لي : يا با هاشم إن هذا الطاغي أراد أن يعبث  بالله في هذه اللية وقد بتر الله عمره وجعله للقائم من بعده ، ولم يكن لي ولد ، وسأرزق ولدا ...) 
الغيبة، الشيخ الطوسي، ص 233، وطريق الشيخ الطوسي إلى سعد صحيح كما في معجم رجال الحديث، للسيد الخوئي، ج9 ص 83
قال ابن الطقطقي الرسي الحسني : ( وأما أبو هاشم داود بن القاسم، فكان سيدا جليلا شاعرا ،عمر طويلا، وشاهد من الأئمة عليهم السلام خمسة وهم: الرضا والجواد والهادي والعسكري والقائم عليهم السلام، ومن شعره :
عرج على سر من راى خير منعرج ***  وقل سلام على ما فيك من حجج
شاهدت أربعة منهم وخامسهم ***  رأيته كهلال لاح منبلج
الأصيلي في أنساب الطالبيين، ص 342 ـــ 343
يقصد بالخامس الإمام الحجة المنتظر ع، فهذا عالم هاشمي نسابة ملتصق بائمة العترة صحب أربعة منهم، سمع من الإمام العسكري ع خبر ابنه الحجة المنتظر، ونظم ذكره  ومشاهدته له في شعره،  ومن تجرأ وادعى أن كل هذه النصوص والأشعار موضوعة فهو سفيه، في عقله لوثة.
كان أبو هاشم على معرفة بالأئمة الإثني عشرع قبل أن يكتمل عددهم، ورد ذلك برواية صحيحة السند في الكافي وغيره .
2ـــــ الحسن بن محمد ابن أخي طاهر الحسيني( 260هـ ـــ 358هـ) الذي ألف كتابا في غيبة الامام كما في ترجمته في فهرستات الإمامية القديمة.
3ـــ أبو نصر البخاري الذي كان حيا سنة 341هـ .
4ــــ الحسن بن حمزة المرعشي الحسيني ( ت 358هـ) الذي ألف أيضا في غيبة الإمام.
5ـــــ شيخ الشريف العبيدلي محمد بن محمد الحسيني الإمامي(338هـ ـــ 435هـ) باعتراف أعلام الجمهور. 
6ـــــ نقيب النقباء النسابة أبو أحمد الموسوي(304هـ ـــ 401هـ) والد الشريفين الرضي والمرتضى.
7ــــــ نقيب الطالبيين في زمانه محمد بن الحسين بن موسى الرضي ( ت 405هـ)
8ـــــ  نقيب الطالبيين في زمانه علي بن الحسين بن موسى الشريف المرتضى ( 436هـ) 
9ـــ محمد بن علي بن محمد ملقطة العلوي العمري ابن الصوفي، وهو والد علي صاحب المجدي، عاش في القرن الرابع الهجري، وصرح ابنه بإمامية بيتهم.
10ـــ النسابة الإمامي الشهير علي بن محمد العلوي العمري صاحب المجدي ( ت 450هـ)
11ــــــ يحيى بن محمد بن القاسم العلوي الحسني  (ت 478هـ) النسابة الشهير الذي نص ابن الجوزي والذهبي وابن حجر على إماميته .
12ــــ الأشرف بن الأغر بن هاشم الحسني ( 482هـ ـــــــ 610هـ )
نسابة شهير، له كتاب في في تحقيق غيبة المنتظر وما جاء فيها عن النبي عليه السلام وعن الأئمة ، ووجوب الإيمان بها كما في ترجمته في تاريخ الاسلام للذهبي .
هذا ولم أذكر بقية أهل النسب ومشاهيره الذين أثبتوا الولد للإمام العسكري ع  أمثال ابن الطقطقي الرسي الحسني وابن عنبة الحسني ومشاهير الصوفية من السنة .
فهؤلاء اثنا عشر من النسابين ، بعضهم كان حاضرا استشهاد الإمام العكسري، وآمن بوجود الثاني عشر ع .
ويقال في الجواب أيضا وهو المهم :
سابعا :  إن الأطروش كغيره من الناس ممن حضر في سامراء ، خفي عليه الأمر، كما خفي على غيره نتيجة التشويش المتعمد من الإمام العسكري ع لحفظ ابنه ، لكن المقربين من الإمام كانوا على علم بمجريات الأمور خاصة بعد رؤية بعضهم لابنه وملامستهم بعض آياته ، وهم  من خواص الإمام العسكري ع  وأصحابه الثقات القائلين بإمامته كأبي هاشم الجعفري وغيره.
ومسألة خفاء ولادة الإمام الثاني عشر والتعتيم الذي رافقها مذكور في روايات الآل ، واشار لها بعض المعاصرين لها قبل ظهور كتب الحديث الإمامية المطولة التي ينسب الخصوم  إلى مؤلفيها ــــ بعد عجزهم عن رد الروايات ـــ اختلاق الموضوعات، من ذلك قول سعد بن عبدالله القمي : (وقد رويت الأخبار الكثيرة الصحيحة : ان القائم تخفى على الناس ولادته )
كتاب المقالات والفرق، أبي خلف سعد الأشعري القمي، ص ١٣٩
وسعد متوفى سنة 299هـ ، أي قبل ولادة الشيخ الصدوق ( 306هـ ) وقبل ولادة الطوسي وقبل كتابة الشيخ الكليني كتابه ( الكافي ) وقبل كتابة النعماني ( الغيبة )...
وقال ابن قبة الرازي المعتزلي سابقا : ( ثم ما زالت الاخبار ترد بنص واحد على آخر حتى بلغ الحسن بن علي عليهما السلام فلما مات ولم يظهر النص والخلف بعده رجعنا إلى الكتب التي كان أسلافنا رووها قبل الغيبة فوجدنا فيها ما يدل على أمر الخلف من بعد الحسن عليه السلام وأنه يغيب عن الناس ويخفى شخصه ، وأن الشيعة تختلف وأن الناس يقعون في حيرة من أمره ، فعلمنا أن أسلافنا لم يعلموا الغيب وأن الأئمة أعلموهم ذلك بخبر الرسول ، فصح عندنا من هذا الوجه بهذه الدلالة كونه ووجوده وغيبته )
من كتابه نقض الاشهاد، نقله عنه الصدوق في كمال الدين وتمام النعمة ، ص ١٤٣
كلام ابن قبة موافق لكلام سعد بن عبدالله المتقدم، وابن قبة متوفى حوالي سنة 317هـ، وحينها كان الشيخ الصدوق صبيا لم تظهر كتبه، ولم يكن الكافي للكليني قد اكتمل وانتشر، وكذا سائر كتب الامامية الشهيرة.
قال الشيخ الصدوق : ( وقد روى أن صاحب هذا الامر هو الذي تخفى ولادته على الناس ويغيب عنهم شخصه لئلا يكون لأحد في عنقه بيعة إذا خرج وأنه هو الذي يقسم ميراثه وهو حي ، وقد أخرجت ذلك مسندا في هذا الكتاب في موضعه )
 كمال الدين وتمام النعمة، الشيخ الصدوق، ص ٧٤
مما يدل على ما ذكره هؤلاء الأعلام من خفي ولادة الثاني عشر والحيرة التي تصيب الناس ما روي عن الإمام الكاظم ع بسند صحيح : (ذلك ابن سيدة الإماء الذي تخفى على الناس ولادته )
كمال الدين وتمام النعمة، الشيخ الصدوق، ص ٣٩٩
فمع هذه التصريحات عن سعد وابن قبة من خفاء ولادة الامام وحيرة الناس نفهم سبب انكار الأطروش لولادة الثاني عشر ع، إن صح ما نسبوه إليه، ولا يمكن التشكيك بما قاله سعد وابن قبة، لكونه مسطورا قبل تأليف الموسوعات الحديثية، ولا يتصور أن يفتري الشيخ الصدوق ــ حاشاه ــ وينسب كلاما لابن قبه لم يقله، وفي ذلك تعريض نفسه للفضيحة لتوفر كتاب ابن قبة آنذاك، ويكون حينها النقض عليه سهلا، هذا مع تربص الخصوم بالرد على الإمامية وترصد أخطاءهم، فالصدوق إنما نقل عن كتاب ابن قبة نقض الاشهاد الذي كتبه ردا على أبي زيد العلوي صاحب كتاب الاشهاد.
نخلص إلى أن الأطروش من الناس الذين خفيت الولادة عليهم، فهو ليس معصوما ولا محيط بمجريات الأمور آنذاك، هذا إن افترضنا ثبوت ما نسبوه إليه، أما كونه من تلاميذ الإمام العسكري ع  أو من أصحابه ،  وقد يحتج بهذا البعض، فلا ينفع في المقام، فكونه تلميذه أو صاحبه لا يعني أنه من شيعته القائلين بإمامته، فالأطروش نفسه من تلاميذ أحمد بن محمد بن عيسى الأشعري القمي الإمامي حيث روى عنه في كتاب البساط، وبالرغم من ذلك فهو زيدي .
أما لماذا لم يخبر الإمام العسكري الأطروش بأن له ولدا، فهذا شانه، وهو أعلم بما يفعل، وهو لم يطلع إلا ثقات شيعته وأصحابه على الخلف من بعده، ولعله فعل وأطلعه، لكن كذب عليه من جاء بعده ونسبوا إليه هذا الإنكار. 
قال القاضي  أحمد بن سعد الدين المسوري  في الرسالة المنقذة من الغواية، ص96  : ( ولا ينكر أنه قد كُذب على الأئمة صلوات الله عليهم في الرواية كما كُذب على جدهم صلى الله عليه وآله وسلم ) !