استبصار الفيلسوف بيترشوت _ المانيا 

 

المولد والنشأة:

ولد "بيترشوت" الشاعر والمراسل الالماني عام 1939م, واصل دراسته الجامعية الى عام 1968 حيث تخرج من الجامعة حاصلاً على شهادة الدكتوراه في مادة الفلسفة, هو أحد مؤسسي الحزب الشيوعي في المانيا وكل آثاره المكتوبة في خدمة الايديولوجية الشيوعية, حيث اسمته بعض وسائل الاعلام الألمانية بـ "شاعر البلاط" لهذا الحزب.
تخلى عن الحزب عام 1988 وابتعد عن ماضيه الحزبي وانشغل بكتابة الكتب والمقالات الانتقادية للحزب تزوج عام 1988 من إمرأة ايرانية واعتنق الدين الإسلامي والمذهب الشيعي عام 1990 وأدى مناسك الحج عام 1996.
كتب "شوت: مقالة عن سبب اعتناقه الدين الإسلامي في صحيفة "دي ولت" بتاريخ 10 سبتامبر ونظراً لطول المقالة باللغة الالمانية, ترجمت هذه المقالة بصورة موجزة مع الاشارة الى أهم المطالب المذكورة فيها.

 

اعجابي بالدين الإسلامي في مرحلة الطفولة والشباب:
إني لم اولد مسلماً ولم أتعرف على الدين الإسلامي بشكل طارئ, أمضيت أكثر من نصف حياتي في البحث عن الدين الحقيقي, لم استبدل ديني طوال حياتي سوى مرة واحدة وكان ذلك في سن التاسعة عشرة حيث هربت من ضيق الرؤية اللوثرية الحاكمة في البيت وإعتنقت الكاثوليكية, وبعد 30 عام اعلنت اعتناقي الدين الإسلامي.
كنت ومنذ الطفولة معجباً بالدين الإسلامي وفي السنوات الاولى التي اعقبت الحرب, كانت منطقتنا محتلة من قبل القوات البريطانية, ستة من الجنود الهنود المسلمين الذين يرتدون العمائم كانوا موفدين من قبل تلك القوات إلى قريتنا, أسكنوهم في مطعم القرية وكانوا يحاولون بشتى الطرق منها انهم كانوا يوزعون علينا التمر والتين ويدعوننا للمشاركة في مجالسهم الدينية, ولهذا انطبعت تلك المراسم العبادية في ذهني وتركت اثرها البالغ في نفسي.
"كارستن نيبور" والذي سماه " كوته" "اول حاج الماني" سافر قبل 200 عام الى الدول الإسلامية, وكان اول شخص الماني بين بدقة معالم الأماكن المقدسة في مكة المكرمة والمدينة المنورة, وكانت بعض هذه التقارير موجودة في الكنيسة التي كانت قرب قريتنا , وصارت هذه التقارير سببا في ارواء تعطشي والاجابة على الاسئلة التي كانت تدور في خاطري وأول باعث لاتجاهي نحو البحث عن الحقيقة.
وكنت أيضا في فترة الدراسة الجامعية على إتصال مع الإسلام كتبت اطروحة الدكتوراه دراسة حول تمثيليات زمن "باروك" لمؤلفه "آندره اس كريفوس", واحدى هذه التمثيليات هي "كاترينا الكرجستانية" التي لها صلة بإصفهان وفي تلك التمثيلية شخصية شاه عباس الصفوي في مقابل كاترينا ويسعى وبشتى الحيل لضمها الى جواريه في القصر, وكانت آثار كريفيوس ذريعة لاتجاهي نحو الفن والثقافة الشرقية الإسلامية.
انتفعت كثيرا وارتقى مستوى وعيي واستنارت بصيرتي خلال سكني في القسم الداخلي الدولي لجامعة هامبورغ, عشت اربعة سنوات بجوار الطلبة الايرانيين والمصريين والنيجريين في القسم الداخلي, كنّا نتحاور دائماً ولم يقتصر بحثنا على المسائل الاعتقادية فحسب, كما كنّا نتحاور بصورة منظمة مع المسيحيين واليهوديين والمسلمين حول النطاق الديني في مكتبة القسم الداخلي, كنت أظنُّ حينها بأن الإسلام نظرية لتحريرالانسان في العالم الثالث.

 

أخطاء الماضي
بعد انتهاء الحركة الطلابية, التحقت بالحزب الشوعي الالماني الموالي لموسكو واصبحت عضواً في الهيئة التنفيذية للحزب, أخطأت حينها عند اعتقادي بأن الإسلام والاشتراكية وجهان لعملة واحدة: الاشتراكية ترسم لنا افق العدالة على وجه الارض والإسلام يرسم لنا افق العدالة الالهية. كنت ضيفاً عند مفتي طاشقند أعلى موفد إسلامي في الاتحاد السوفيتي وكنت أستمع الى تعاليمه العاليه حول الاخلاق الإسلامية بكل وجودي ولم أتمكن من اقناع نفسي أنه يعمل عمله بتوصية من الـ "كا.گـ.ب".
وصّفت في كتابي "نحو سيبريا" كيفية تعاضد الإسلام والاشتراكية وتكميل احداهن للأخرى في آسيا الوسطى والتي كانت حينها مستعمرة للاتحاد السوفياتي, تعرفت على "آنه ماريه شيمل" لأول مرة في احدى اجتماعات معهد "دراسات الشرق الأوسط" والذي اقيم حول موضوع الشرق الاوسط في هامبورغ نظرت " آنه ماريه " ملياً الى جلد كتابي الذي رسمت عليه "مطرقة ومنجَل" ثم قالت "اذا رفعت المطرقة لم يبق سوى المنجل والذي يمكن ان يتبدل الى هلال يهديك الى طريق الإسلام", استقبلت اقتراحها بشوق وكنت استفيد منها دائماً عند الحيرة واستفيد من كتبها عن الإسلام والتي فتحت لي الآفاق.
دعيت الى ايران عام 1987 بصفتي باحثاً عن الإسلام, لم يكن لهذا السفر التأثير المناسب وكنت احتاج الى سنوات أخرى واعلنت استبصاري عام 1991م.

 

التحليل والتفسير الدقيق للدين:
كان المركز الإسلامي في هامبورغ انطلاقة لي نحو التسامي والارتقاء منذ الأيام الاولى للثورة الإسلامية الى حين انتسابي الرسمي لهذا المركز.
انا ومنذ خمسة عشر عاماً عضو في جمعية الالمان المسلمين والذي أسسها مهدي رضوي عام 1967, نجتمع  في اسبوع كل يوم سبت عصراً, ولا نستخدم أدواة الضغط على احد لتغيير إنتمائه المذهبي بل نشك بالذين يغيرون إنتمائهم الديني بسرعة وقد اثبتت التجارب انهم سرعان ما يعودون الى ما كانوا عليه لضعف مستواهم الديني وقلة اطلاعهم بالنسبة للإسلام والقرآن وغالباً ما يكون تصورهم حول الإسلام خاطئاً.
بدأ "رضوي" بتفسير سورة البقرة عام 1967, وقد وصلت "حليمه كرآوزن" ـ التي عينت بديلة "لرضوي" قبل عامين ـ الى تفسير السورة الواحدة والاربعين.
ليس من الصعب كون الانسان مسلماً كحبر على ورق ويحتاج الى شاهد ليشهد أنك أسلمت لكن لا يصير الانسان مسلماً حقيقياً بهذه السهولة لان الإسلام الحقيقي ليس إلاّ التسليم للارادة الالهية بالقلب والجوارح.