جعفر الصادق الجفري _ أندونيسيا

 

المولد والنشأة:

 

ولد سنة 1361هـ (1972م) في أندونيسيا بمدينة "مالنغ"، ونشأ في أسرة شافعيّة المذهب، فلمّا بلغ سنّ الرشد اطّلع على بعض كتب مذهب أهل البيت(عليهم السلام)فأجرى مقارنة بين عقائد مذهبه السنّي وعقائد مذهب أهل البيت(عليهم السلام) حتّى توصّل سنة 1408هـ (1988م) إلى أحقيّة مذهب أهل البيت(عليهم السلام) فأعلن استبصاره وانتماءه إلى مذهب التشيّع.

 

ولاية الإمام عليّ بن أبي طالب(عليه السلام):

وجد "جعفر الصادق الجفري" خلال بحثه العقائدي بأنّ النبيّ(صلى الله عليه وآله) كان كثيراً ما يحرّض أتباعه على محبّة الإمام علي(عليه السلام) وولايته وكان ينهى عن بغضه وأذاه ومن النصوص النبويّة الدالة على هذه الحقيقة.

ما رواه ابن مردويه في كتاب المناقب بإسناده إلى عبدالله الصامت عن أبي ذر حيث قال: دخلنا على رسول الله(صلى الله عليه وآله) فقلنا: من أحبّ أصحابك إليك؟ فإن كان أمر كنّا معه، وإن كانت نائبة كنّا دونه.

قال: "هذا علي، أقدمكم سلماً وإسلاماً"(1).

وروى مسلم في صحيحه عن أمير المؤمنين علي (عليه السلام) قال : " والذي فلق الحبّة وبرأ النسمة! إنّه لعهد النبي الأُميّ(صلى الله عليه وسلم) إليّ أن لا يحبّني إلاّ مؤمن ولا يبغضي إلاّ منافق"(2).

وروى الحاكم في مستدركه على الصحيحين بسنده إلى عمرو بن شاس الأسلمي وكان من أصحاب الحديبية قال: "خرجنا مع علي(رضي الله عنه) إلى اليمن، فجفاني في سفره ذلك حتّى وجدت في نفسي، فلمّا قدمت أظهرت شكايته في المسجد حتّى بلغ ذلك رسول اللّه(صلى الله عليه وآله وسلم)، قال: فدخلت المسجد ذات غداة ورسول اللّه(صلى الله عليه وآله)في ناس من أصحابه، فلما رآني أبِدني(3) عينيه ـ قال يقول حدد إليّ النظر حتّى إذا جلست قال: "يا عمرو، أما والله لقد آذيتني"، فقلت أعوذ بالله أن أوذيك يا رسول اللّه، قال: "بلى من آذى عليّاً فقد آذاني"(4).

وروى الحاكم أيضاً بسنده إلى عبد اللّه بن بريدة عن أبيه قال: "كان أحبّ النساء إلى رسول اللّه(صلى الله عليه وآله وسلم) فاطمة، ومن الرجال علي"(5).

وورد عن ابن عباس قال: سمعت رسول الله(صلى الله عليه وآله) يقول: "من لقي الله تعالى وهو جاحد ولاية علي بن أبي طالب(عليه السلام) لقي الله وهو عليه غضبان، لا يقبل الله منه شيئاً من أعماله، فيوكل به سبعون ملكاً يتفلون في وجهه، ويحشره الله تعالى أسود الوجه أزرق العينين" قلنا: يابن عباس، أينفع حبّ علي بن أبي طالب في الآخرة؟

قال: قد تنازع أصحاب رسول الله(صلى الله عليه وآله) في حبّه حتى سألنا رسول الله، فقال:

"دعوني حتّى اسأل الوحي"، فلّما هبط جبرئيل(عليه السلام) سأله، فقال: "أسأل ربّي عزوجل عن هذا"، فرجع إلى السماء ثم هبط إلى الأرض، فقال:

"يا محمّد، إنّ الله تعالى يقرأ عليك السلام، وقال: أحبّ عليّاً، فمن أحبّه فقد أحبني، ومن أبغضه فقد أبغضني، يا محمّد، حيث تكن يكن علي، وحيث يكن عليّ يكن محبّوه وإن اجترحوا"(6).

وعن أبي سعيد الخدري، قال: أقبلت ذات يوم قاصداً إلى رسول الله(صلى الله عليه وآله)، فقال لي: "يا أبا سعيد"، فقلت: لبّيك يا رسول الله، قال:

"إنّ لله عموداً تحت العرش يضيء لأهل الجنّة كما تضيء الشمس لأهل الدنيا، لا يناله إلاّ عليّ ومحبّوه"(7).

وورد عن زيد بن علي، عن أبيه، عن جدّه، عن النبيّ(صلى الله عليه وآله)، قال: "يا علي، لو أنّ عبداً عبدالله مثل مادام نوح في قومه، وكان له مثل جبل أُحد ذهباً فأنفقه في سبيل الله، ومدّ في عمره حتّى حجّ ألف عام على قدميه، ثمّ قُتل بين الصفا والمروة مظلوماً، ثمّ لم يوالك يا علي، لم يشمّ رائحة الجنّة ولم يدخلها"(8).

 

النهي عن بغض الإمام علي(عليه السلام):

ورد عن رسول الله(صلى الله عليه وآله) الكثير من الأحاديث الشريفة الناهية والمحذّرة من بغض الإمام علي(عليه السلام) منها: عن ابن عباس قال: نظر رسول الله(صلى الله عليه وآله) إلى علي، فقال: "لا يحبّك إلاّ مؤمن ولا يبغضك إلاّ منافق، من أحبّك فقد أحبّني ومن أبغضك فقد أبغضني وحبيبي حبيب الله، وبغيضي بغيض الله ويل لمن أبغضك بعدي"(9).

وورد عن حديث بن عمرو، قال: حضر معاوية الحسنُ بن علي، وعبدالله ابن جعفر، وعقيل بن أبي طالب، وعمرو بن العاص، وسعيد، ومروان، ومن حضر من الناس وفيهم أبو الطفيل الكناني والشاميّون يشيرون إليه ويقولون: "هذا صاحب علي" إذ قال معاوية: "يا أخا كنانة من أحبّ الناس إليك؟

فبكى أبو الطفيل ثمّ قال: ذاك إمام الأمّة وقائدها وأشجعها قلباً، وأشرفها أباً وجدّاً، وأطولها باعاً، وأرحبها ذراعاً، وأكرمها طباعاً، وأشمخها ارتفاعاً.

فقال معاوية: يا أبا الطفيل، ما هذا أردنا كلّه.

قال: ولا أنا قلت العشر من أفعاله، ثمّ أنشأ يقول:

صهر النبيّ بذاك الله أكرمه إذ اصطفاه وذاك الصهر مدّخرُ
فقام بالأمر والتقوى أبو حسن بخ بخ هنالك فضل ماله خطر
لا يسلم القرن منه إن ألمَّ به ولا يهاب وإن أعداؤه كثروا
من رام صولته وافى منيته لا يدفع الثكل عن أقرانه الحذر
وقال فيه أبياتاً أخرى، ثمّ نظر إلى معاوية والحسن إلى جنبه وقال:

كيف يزكّى من جدّه رسول الله(صلى الله عليه وآله)، وأمّه فاطمة بنت رسول، وخاله القاسم ابن رسول الله، وخالته زينب بنت رسول الله؟! ومن أحبّه أحبّ رسول الله، ومن أبغضه أبغض رسول الله، ومن أبغض رسول الله أبغض الله، ومن أبغض الله كفر!(10).

عن سعد بن أبي وقاص، قال: كنت جالساً في المسجد أنا ورجلين معي، فنلنا من علي، فأقبل رسول الله(صلى الله عليه وآله)، غضبان يعرف في وجهه الغضب، فتعوّذت بالله من غضبه، فقال: "ما لكم ومالي؟ من آذى علياً فقد آذاني"(11).

فقلت: أعوذ بالله ممّن آذى رسوله!

قال: إنّك قد آذيت عليّاً، ومن آذى عليّاً فقد آذاني(12).

وورد عن سعيد بن جبير قال: بلغ ابن عباس أنّ قوماً يقعون في علي(عليه السلام)، فقال لابنه علي بن عبدالله: خذ بيدي فاذهب بي إليهم [وكان ذلك بعد ما حجب بصره].

فأخذ ولده بيده حتّى انتهى إليهم، فقال: أيّكم الساب لله؟!

فقالوا: سبحانه اللّه! من سبّ اللّه فقد أشرك .

فقال: أيّكم الساب رسول الله؟!

فقالوا: من سبّ رسول الله فقد كفر.

فقال: أيّكم الساب لعليّ؟!

قالوا: قد كان ذاك.

فقال لهم: فأشهد، لقد سمعت رسول الله(صلى الله عليه وآله) يقول: "من سبّ عليّاً فقد سبّني، ومن سبّني فقد سبّ الله، ومن سبّ الله كبّه الله على وجهه في النار..."(13).

 

تساؤلات كانت إجابتها سبباً للاستبصار:

وقع هذا التساؤل في ذهن "جعفر الصادق الجفري": لماذا اهتمّ رسول الله(صلى الله عليه وآله)هذا الاهتمام الكثير بالإمام علي بن أبي طالب(عليه السلام)؟

لماذا هذا التأكيد من الرسول(صلى الله عليه وآله) على ولاية الإمام علي(عليه السلام) ومحبّته و...؟

ومن هذا المنطلق توجّه "جعفر الصادق الجفري" إلى البحث، حتّى توصّل

إلى هذه النتيجة بأنّ الرسول(صلى الله عليه وآله)كان يمّهد بذلك لإمامة علي بن أبي طالب(عليه السلام)بعده.

واستمرّ "جعفر الصادق الجفري" في بحثه حتّى توصّل إلى هذه النتيجة بأنّ الإمامة أمر إلهي ولا يحقّ للناس التدخّل في هذا الأمر بل الأمر لله يؤتي الإمامة من يشاء.

وقد شاء الله تعالى أن تكون الإمامة في الإمام علي(عليه السلام) وفي ذرّيته من بعده، وهي الذريّة التي اصطفاها الله تعالى كما اصطفى آل عمران وآل ابراهيم من قبل.

ومن هنا التحق "جعفر الصادق الجفري" بمذهب أهل البيت(عليهم السلام) وأعلن تشيّعه، ثمّ توجّه إلى نشر الحقائق الجديدة التي توصّل إليها.

وكان "جعفر الصادق يجمع أصدقاءه ويتحدّث معهم حول علوم ومعارف أهل البيت(عليهم السلام) وبهذه الطريقة تمكّن من أن يؤثّر على البعض منهم حيث استبصروا على يده وأعلنوا ولاءهم لمذهب أهل البيت(عليهم السلام). 

 

_______________________________________________________________________________________-

 

الهوامش:

1- الطرائف، السيد ابن طاووس: 1 / ص 40.

2- صحيح مسلم: 1 / ح131 .

3- أبِد، بكسر الباء: غضب .

4- المستدرك على الصحيحين: الحاكم النيسابوري: 3 / ح 4677 وقال: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرّجاه، ووافقه الذهبي في التلخيص. وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد: 9 / ح14736، وقال: "رواه أحمد والطبراني باختصار والبزار أخصر منه، ورجال أحمد ثقات".

5- المستدرك على الصحيحين ، الحاكم النيسابوري: 3 / ح4794. وقال: صحيح الإسناد ولم يخرّجاه، ووافقه الذهبي في التخليص .

6- مناقب علي بن أبي طالب، ابن مردويه: 71.

7- المصدر السابق.

8- مناقب الخوارزمي: 67 / ح 40.

9- مجمع الزوائد، الهيثمي: 9 / ح 14760، وقال: "رواه الطبراني في الأوسط ورجاله ثقات".

10- المناقب للخوارزمي: ص 332، ح 355.

11- مجمع الزوائد ، الهيثمي: 9 / ح 14783. وقال "رواه أبو يعلى والبزار باختصار، ورجال أبي يعلى رجال الصحيح، غير محمود بن خداش وقنان وهما ثقتان".

وورد عن محمد بن عبدالله الأنصاري، عن جابر الأنصاري عن عمر بن الخطاب، قال: كنت أجفو عليّاً، فلقيني رسول الله(صلى الله عليه وآله): فقال: إنّك آذيتني يا عمر!" 

12- مناقب علي بن أبي طالب، ابن مردويه: ص 81 / ح66.

13- المناقب للخوارزمي: ص 136، ح154. وروى ما يشابه هذا في: كنزل العمال: 11 / ح 3290.